مقالات

رمضان شهر الخير يدق الباب.. أما من مجيب

كتبت: ياسمين سمير

الشهر التاسع الهجري الذى يلي شهر شعبان..رمضان شهر الكرم والإحسان، يموت الشر أينما كان ويعم الخير والفرحة بين الجميع فى كل مكان.

 كيف نشأ هذا الشهر المجيد، ولِمَ هو مهم لهذه الدرجة للمسلمين؟

قبل كل شيء لنعرف عنه أكثر، شهر رمضان هو شهر مهم ومقدس عند المسلمين، وفيه يمتنعون عن الطعام والشراب وجميع ملذات الحياة والأهواء -إلا من له عذر مباح- بالإضافة للمحظورات المبطلة للصوم خلال فترتي ما بين شروق الشمس وغروبها طوال الشهر، ويهنئون بعضهم قائلين “رمضان كريم”؛ بغية التقرب أكثر من الله، فهو ركن من أركان الإسلام الخمسة، وذلك بمناسبة نزول القرآن الكريم على سيدنا محمد آنذاك، عندما قيل له “أقرأ”-دليل على مدى أهمية العلم والقراءة- بالتحديد فى ليلة القدر “ليلة المصير المقدر”، أكثر ليلة مقدسة ومباركة فى العالم؛ فهي إحدى ليالي أيام العشر الأواخر من رمضان؛ لذلك يشيرون بكون ليلة القدر خير من ألف شهر، ويتم تحديد بدايات ونهايات الشهر من خلال التقويم الإسلامي القمري المكون من 345 يومًا، أي إنه يتقدم بمعدل 11 يومًا سنويًا وفقًا للتقويم الميلادي، وذلك بواسطة رؤية القمر هلالًا فإذا لم يرى الهلال يكمل شعبان 30 يومًا، وقد يستمر ل29 أو 30 يومًا، ويتحدد ذلك بمساعدة المملكة العربية السعودية -مكة المكرمة-؛ حيث إنها أكتسبت تلك الأهمية نظرًا لكونها مكان ولادة سيدنا محمد -عليه الصلاة والسلام-، بالإضافة لكونها المكان الذى نزل عليه الوحي لأول مرة، لذلك يعتبرها العالم الإسلامي أكثر المدن تقديسًا، نتيجة لذلك يتبع المسلمون السعودية فى الإعلان عن ظهور شهر رمضان المبارك.

 قد يسأل البعض إذًا لماذا سمي شهر رمضان بهذا الاسم، وما أصل هذا الكلمة؟

شهر رمضان.. لما هذا الأسم بالتحديد، وما أصل تاريخ كلمة شهر رمضان؟

شهر رمضان، سُمي الشهر شهرًا لشهرته الكبيرة أما عن كلمة رمضان فقد قال مجاهد بأنه اسم من أسماء الله فالبعض يسميه ب”شهر الله”، لكن لغويًا كلمة رمضان مشتقة من “الرمضاء” التى تعني الحجارة المحماة؛ إذ كانوا يصومون هذا الشهر فى حرًا شديد، أما عن أصل الكلمة فلم يكن مقتصرًا على الإسلام فقط فكانت موجودة منذ الجاهلية -قبل ظهور الإسلام وبعثة النبي محمد-؛ حيث اأعتاد الناس فى ذلك الوقت على تسمية الشهور حسب ميعاد وقوعها، فمثلًا شهر “ذي الحجة” سمي بذلك لقدوم موسم الحج -زيارة المسلمون الكعبة والطوف حولها- فى هذا الشهر، وأيضًا هناك شهر “ربيع” سمي بذلك؛ لوقوعه فى فصل الربيع، كما فى شهر رمضان المبارك فكلمة رمضان مشتقة من الفعل رمض وتعني الحر الشديد، وذلك لمجيء رمضان فى شهر يتسم بالحر الشديد وفقًا للظروف المناخية القاسية آنذاك، ففيه يشتد الحر من شدة الجوع والعطش فيكون جوف الصائم رمضًا -جافا-؛ لذلك يسمى بهذا الأسم.

ويختلف نطق كلمة رمضان من دولة أو لغة إلى أخرى فبعض الدول كإيران، باكستان، تركيا، بنجلاديش تستبدل حرف الضاد بالظاء فينطقوها “رمظان”، بالإضافة لوجود العديد من الأقوال والآراء المختلفة حول سبب تسمية الشهر بهذا الاسم وهي:

• بسبب ما فيه من حرق ذنوب ومعاصي العباد، فالله يعفر لعبده ما تقدم من ذنبه وما تأخر خلال الشهر المبارك.

• فيه يكون جوف الصائم مشتدًا حره من شدة الجوع والعطش.

• لخشية قلوب العباد من الله فيتخذون من الحرارة الموعظة والتفكير فى الأخرة.

• لأنه يحرق الذنوب بالأعمال الصالحة فرمضان يغسل الأبدان من الأثام.

• لأن العرب كانوا يرمضون -يجهزون- أسلحتهم؛ أستعدادًا للحرب فيه.

هل تكمن فوائد رمضان فى العبادة فقط؟

لا وألف لا؛ فلشهر رمضان فوائد كثيرة لا يمكن إحصائها أو إقتصارها على كونه ركن من أركان الإسلام فقط -عبادة-؛ فللصيام فوائد من جميع النواحي لا يمكن الإستغناء عنها متمثلة فى الآتي:

1 – نفسيًا:

بناءًا على ما قيل من قبل مؤسسة “حمد الطبية” فإن الصيام الذى شرعه الله ذا فوائد نفسية على الفرد لا يمكن نكرانها أو عدها؛ حيث أنه يحد من تفاقم العديد من الأمراض النفسية وأعراضها؛ لأن الصيام يساعد على تحمل الضغوطات ومواجهتها؛ مما يحدث نوعًا من الإستقرار النفسي والاجتماعي، فالصيام يساعد على زيادة على التواصل الاجتماعي والبعد عن العزلة مما يجعل الصائم يفكر بشكل إيجابي حول كل شيء -التفاؤل والأمل- فيشعر براحة بال لا توصف؛ حيث أكدت الدراسات النفسية والطبية أن لها دور فى العلاج من الإدمان؛ لأن الصيام يهذب النفس وينقي الروح فيرتقي بها، كما يعطيه أيضًا قوة الإرادة للتغيير نحو الأفضل فيؤثر على طريقة تفكيره ونظره للأشياء وطريقة تعامله مع الأخرين فينعكس إيجابيا على الجانب النفسي والاجتماعي.

2 – دينيًا:

* زيادة التقرب من الله تعالى بتطهير الذنوب طلب المغفرة.

* سببا فى الإبتعاد عن الفواحش والمعاصي.

* تطهير النفس من المعاصي والإرتقاء بالحياة.

* يعرف العبد احتياجاته ونقاط الضعف والقوة لديه فالصيام وسيلة للتقوى.

* الشعور بما يشعر به الفقراء ومواساتهم وشكر الله على النعم المعطى له مما يحد من غرور النفس وتسلطها.

وقد عظم الله هذا الشهر المبارك بعدة أشياء ليزيد من تقوية المسلمين وإيمانهم وهى:

• الشهر الذى نزل فيه القرأن الكريم على سيدنا محمد -فضيلة نزول القرأن-.

• خصص ليلة من ليالي الشهر آلا وهى ليلة القدر وجعلها خير من ألف شهر -فضل قيام ليلة القدر-.

• كون رمضان الشهر الوحيد الذى تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق أبواب النار وتسلسل الشياطين بالأغلال -فضيلة شهر رمضان-.

كل هذه الأشياء عظمت من شهر رمضان، شهر المغفرة والرحمة وحرمته بالنسبة للمسلمين.

3- أخلاقيًا:

لرمضان -موسم الطاعات- أثر كبير فى نفوسنا؛ فقد تم ملاحظة إنخفاض معدل الجريمة خلال شهر رمضان خاصةً الجرائم المتعلقة بالسرقة، الإعتداء وشرب الكحوليات، إلا أنها بشكل كامل تأثيرها محدود؛ لذلك أشارت إحصائيات أخرى أن معدل الجريمة يزداد، فقد تم إقتراح أليات وطرق مختلفة لمعرفة تأثيرات رمضان على الجريمة سواء بالزيادة أو النقصان منها:

* يقول رجل دين إيراني أن الصيام يحد من رغبة الناس فى إرتكاب الجرائم لأسباب روحية، فى حين يقول “جمال البنا” أن الصيام مجهد لهم مما يجعلهم أكثر عرضة لإرتكاب الجرائم؛ لذلك أنتقد المسلمين الذين يرتكبون الجرائم وهم صيام خلال رمضان بإعتبار صيامهم مزيفًا وسطحي.

* نسبت الشرطة فى السعودية إلى إنخفاض معدلات الجريمة إلى “المزاح الروحي السائد فى البلاد”.

* فى إندونيسيا بالتحديد فى جاكرتا تقول الشرطة أن حركة المرور احتفالًا بعيد الفطر حينها؛ مما يؤدي لزيادة الجرائم فى الشوارع.

* وفقًا لصحيفة “يمن تايمز” يدخل ملايين الحجاج الخيريين إلى السعودية لزيارة مكة؛ مما يؤدي لقيام المهربين بتهريب الأطفال اليمنين للتسول فى شوارعها.

على الرغم من هذا إلا أننا لا يمكننا غض الطرف عن مدى فضل الصوم فى إنخفاض معدل الجريمة.

4-جسديًا وصحيًا:

إن كان الصيام يؤثر على كل هذا فتأثيره واضح وقوي من ناحية الصحة، ففي رمضان يتبع الصائم نظام غذائي صحي يحدث ثأثيرات إيجابية على صحتهم إعتمادًا على دراسات أجريت بهذا الشأن، فوائده على جسم الصائم:

• يساعد على زيادة نسبة الدم بمكوناته فى الجسم.

• يساعد على تخفيض سكر وضغط الدم.

• يخفض مستوى الكوليسترول-الدهون- فى الدم عن طريق حرقها كمصدر للطاقة فيتناقص الوزن ويتم التخلص من السموم المخزنة فى الجسم، مع الإشارة إلى أن الدراسات أثبتت أن الوزن الذى يتم فقده يتم استعادته فى الأشهر اللاحقة؛ لذلك من الضروري إتباع نظام غذائي متوازن مع ممارسة الرياضة؛ للحصول على الوزن المثالي.

مع ذلك لا يتبع أغلبية الصائمين نظام غذائي متوازن، وهذا يقودونا للفقرة التالية.

شهر رمضان

 – لا لقلة الماء.. لا لكثرة الحلوى.. عادات خطيرة يمارسها المسلمون فى الشهر المبارك.

بدأ العد التنازلي على مجيء شهر رمضان المبارك، تفصلنا أيامًا قليلة عنه، على الرغم من ذلك من المحزن إساءة بعض المسلمين لهذا الشهر الكريم فيتبعون عادات غذائية خاطئة تؤثر على حياتهم متمثلة فى:

* تناول كميات كبيرة من الطعام فيزداد وزنه ورغبته فى الطعام.

* شرب كمية قليلة من السوائل فيصاب بالجفاف والعطش.

* عادات نوم خاطئة فلا ينامون بشكل كافي بسبب الإنتظار لوقت السحور -وقت متأخر- دون نوم مما يؤثر على تركيزهم وصحتهم الجسدية.

* تناول كميات كبيرة من الحلوى، من أكثر العادات السيئة شيوعًا بينهم، بالإضافة لكونها أكثر الأسباب المؤدية لزيادة الوزن والسكر فى الدم.

* عدم تناول وجبة السحور على الرغم من أنها أكثر الوجبات إحتياجًا لهم؛ لذلك يجب تناولها لعدم الشعور بالجوع خلال الصيام.

 

إذًا ما العادات السليمة التى يجب إتباعها؟

أولًا يجب الإبتعاد أو التقليل من العادات السيئة سابقة الذكر بالإضافة لعدم التعرض الطويل للشمس خاصةً الأطفال، عند الإفطار لا نأكل حتى الشبع تجنبًا للتخمة، تناول وجبات خفيفة بين الإفطار والسحور، والإكثار من الفواكه والأطعمة الغنية بالألياف مع التقليل من:

• الزيوت والشحوم كالأطعمة المقلية وإستبدالها بالمشويات والمسلوقات.

• الحلويات الصناعية وإستبدالها بالحلويات الطبيعية كالفواكه الطازجة مع عدم المبالغة فى تناولها فما زاد عن حده أنقلب ضده فيكفي حصتين منه يوميًا.

• الإكثار من شرب السوائل المتنوعة، المكسرات المحمصة أو غير المملحة، النشويات المخلوطة بالخضروات أو البقوليات على البخار، عدم التوقف عن ممارسة الرياضة أبسطها المشي لمدة لا تقل عن نصف ساعة يوميًا.

بالحديث عن الرياضة، قد يسأل بعضكم أيهما أفضل ممارسة الرياضة قبل الإفطار أم بعده؟

تستطيع ممارستها قبل الإفطار لكن ينبغي توخي الحذر فى بعض الأشياء وهى يجب ألا تزيد عن 60 دقيقة، ممارستها فى مكان مكيف، بعد الإفطار لابد من تناول كميات كبيرة من السوائل لتعويض ما فقدناه؛ لذلك عند ممارستها قبل الإفطار ينبغي أخذ تدابير إحترازية، لهذا يستحسن ممارستها بعد الإفطار إذا كنت شخصا غير احترازيًا أو تجد صعوبة فى ذلك بثلاث ساعات؛ حتى تتم عملية الهضم، فعلى الجميع إختيار التوقيت المناسبة لممارسة الرياضة.

 

 – محظورون من الصيام لتأثيره المعاكس عليهم

بعض الأشخاص قد يؤثر الصيام عليهم بشكل معاكس ويجعل حالتهم تتدهور، فمن هم إذاً؟

1- الحوامل والمرضعات:

العديد من المؤسسات تنصح الحوامل والمرضعات آلا يصومن إلا بإستشارة الطبيب المختص لتحديد ما إذا كانوا يستطيعون الصيام أم لا، بالإضافة إلى أن الإسلام قد أباح الإفطار لهم؛ حيث أن الصيام يؤثر عليهم أو أطفالهم سلبيًا فى بعض الحالات فمثلا عند الحوامل قد أكدت دراسات أن الصيام يؤثر على نمو الجنين داخل الرحم؛ مما يوضح أن هناك علاقة سببية بين الصيام والولادة المبكرة، أما عن المرضعات فتتيح الشريعة الإسلامية التى ترضع طفلها بشكل كامل بعدم الصيام فإن كانت ترغب بشدة فعليها إستشارة الطبيب ليقيم حالتها الطبية ومعرفة الأدوية التى تساعد على زيادة تدفق حليب الثدي؛ لتجنب حدوث أى مضاعفات صحية قد تصيبها أو تصيب طفلها.

فيصعب على كليهما أن يصومن لإحتياجاتهما الضرورية من الأطعمة الصحية والأدوية وشرب كميات كبيرة من السوائل مع مراجعة الطبيب بإستمرار؛ لذلك يفضل عدم صيامهما إلا إن كانت لهما قدرة جسدية على ذلك.

2- حاملي الأمراض المزمنة أو المرضى عامةً:

 الذين يحتاجون إلى رعاية دائمة والإمتناع عن الطعام والشراب قد يسيء من حالتهم الصحية؛ لهذا لابد من إستشارة الطبيب قبل الإقبال على الصيام والإفطار عند الضرورة، فهناك أمراض لا تتناسب معه، فلكل مرض ظروفه الخاصة.

3- أطفال غير بالغين:

الطفل لم يبلغ بعد فصحتهم ليست قوية بما يكفي لصيام يوم كامل، لذلك يصومون نصف النهار فقط؛ كي لا تتأثر صحتهم لهذا لابد من تقديم وجبة إفطار متوازنة لمنح الطفل كل إحتياجاته الغذائية، مع العلم بوجوب تقديمها تدريجيًا بدءًا من العصائر والتمور وعدم تركه يتناول وجبته دفعة واحدة وإن فعل فإنه يصاب بإضطرابات معوية؛ لذلك ينبغي على الأم مراعاة التنوع فى طهي الوجبات؛ حتى لا يمل، هذا بالنسبة للإفطار أما عن وجبة السحور فيجب أن تحتوي أولًا على الألياف التى تساعد على الشبع لفترات طويلة مع تقديم الحليب ومشتقاته؛ لإعطاء الكالسيوم المحتاج له، بالإضافة للحد من المقليات والحلويات والإبتعاد قدر الإمكان عن المشروبات التى تحتوي على الكافيين كالشاي والقهوة، ولا ننسي أيضًا التقليل من المشروبات الغازية؛ لأنها تسبب فقر الماء فى الجسم بالإضافة لسحبها الكالسيوم من الجسم.

وقت الإفطار عند منتصف النهار، وعدم تركهم ينامون بعد العصر أو قضاء ساعات من اللعب؛ خشية هبوط السكر أثناء النوم، وهذا بالنسبة للإفطار لكن ماذا عن السحور؟

أفضل شيء يجب فعله بالنسبة السحور هو تأخيره أي إلى ما قبل أذان الفجر؛ حتى لا تطول ساعات صيامهم خاصة إن كانت هذه أول مرة؛ لأن التغيير المفاجئ فى الطعام والشراب آنذاك قد يعرضهم للجفاف أو نقص حاد فى مستويات السكر، فإذا ظهرت أي أعراض أو علامات على الإنخفاض فيجب إفطاره على الفور كما يمكن لهم ممارسة الرياضة بشرط الإبتعاد عن الرياضات العنيفة؛ تجنبا للمخاطر السابقة؛ لذلك ينبغي الإنتباه والحذر جيدًا عند التعامل مع صوم الأطفال.

4- المسافرون والحائضون:

أباح الله لكلا من المسافرين والحائضين على الإفطار فباح للمسافر؛ بسبب مشقة الطريق، بينما الحائضون فذلك لعدم طهارتهن آنذاك فالصيام لا يجوز لغير الطهاريين.

وكل هؤلاء وكل ما يندرج تحتهم لديهم عذر مباح وقوي لذلك يحلل لهم الإفطار فالإسلام دين يسر وليس عسر فلا داعي للقلق، وإذا أرادوا أن يكفروا عن عدم صومه أو يشعرون بالقلق من ذلك فيمكنهم إطعام مسكين عن كل يوم تفطر فيه، هؤلاء المجبورون على الإفطار، أما عن هؤلاء القادرين على الصيام ولا يفعلون فما جزأهم؟!

مصير المسلمين عند الإمتناع عن الصيام والمجاهرة بالإفطار دينيًا ودنياويًا.

هناك أقوال مأثورة تقول “كما تدين تدان” و “الجزاء من جنس العمل” وهكذا تسير الحياة فكل شيء نقوم به نعاقب عليه أو نكافئ عليه مهما كان صغيرًا أو كبيرًا، فالإمتناع عن الصيام عاقبة وخيمة لا يمكن غض الطرف عنها فمن يقوم بذلك يعاقب من النواحي الآتية:

1- دينيًا -الأخرة- ودنياويا -رحلة مؤقتة-:

بإعتبار الصيام ركن من أركان الإسلام الخمسة فثوابه عظيم وكذلك عقابه وخيم فمن إلتزم به أرتقى دينيًا ودنياويًا ومن إمتنع يكون من أهل النار ويزيد من بقائه فيها ويرد له فى الدنيا أيضًا فينظر إليه الناس نظرة إستحقارية ويأتي له البلاء من حيث لا يحتسب.

2- قانونيًا:

كل دولة لديها أسلوبها وعقوباتها الخاصة بهذا الشأن، فبعض الدول الإسلامية تعتبر الإمتناع عن الصيام جريمة تتمثل عقوباتها كالآتي:

* فى مصر يحظر بيع الكحولات آنذاك؛ قدسية وإحترامًا للشهر الكريم.

* فى الكويت عقوبتها غرامة لا تزيد عن مائة دينار كويتي أو السجن لشهر أو كليهما.

* فى بعض إمارات دولة الإمارات تعتبر جريمة بسيطة؛ لذلك يعاقب عليها بما يصل إلى ستة أيام من خدمة المجتمع.

* لكن الأمر يختلف فى السعودية فقد وصفت مجلة “ذي إيكونوميست” المحاكم هناك بأنها تأخذ رمضان “بجدية أكثر من أي مكان أخر” لدرجة أنها تفرض عقوبات شديدة بما فى ذلك الجلد والسجن والترحيل بالنسبة للأجانب.

شهر رمضان

 – عادات لا تنسى.. رمضان أحلى مع إستعداداته

لشهر رمضان مكانة خاصة فى قلوب المسلمين، نتيجة لذلك ظهرت عادات وتقاليد خاصة به فهذا إن دل على شيء فقد دل على مدى عظمة شهر رمضان عند المسلمين، إلا أن لكل دولة طريقتها الخاصة فى الإحتفال به وأكثرها شهرة عادات الشعب المصري فى التجهيز له، ولديهم أسلوب مميزة فى إستقباله، فقبل مجيء الشهر المبارك ببضعة أيام ينقلب كل شيء رأسا على عقب؛ إذ تجد التحضيرات فى كل مكان فتجد الشوارع قد ملئت بالزينة والشرائط الملونة المبهجة التى يزداد جمالها بحمل الأطفال فوانيس رمضان الملألأة وهم يغنون الأغاني الرمضانية الفلكلورية منها “حلو يا حلو.. رمضان كريم يا حلو”، مع إزدياد دوي أصوات قاريء القرأن الكريم فى كل مكان؛ للحفاظ على روحانية الشهر المبارك وصون الصائمين، الشوارع مكتظة بالناس؛ إستعدادًا لشراء ما يحتاجونه من مستلزمات ومواد غذائية، يتبادلون التهاني والمعايدات التى لا تخلو طرافة المصريين، إذ تجد السيدات قد أعددن جدول بالوجبات والعزائم التى سيعدونها، أما عن الشباب فتجدهم قد تجمعوا لوضع خطة لدوري “كرة القدم الرمضاني” الخاص بكل شارع، فتجد الأطفال وجدوا حجتهم وغايتهم من اللهو والمرح فى اللعب بالفوانيس وترديد أغاني رمضان الشعبية، لا ننسى الجد والجدة فتجدهم قد تجددت الحياة فى أعينهم مع عد مفارقة الضحكة لوجوههم فهم يعرفون أن رمضان هو الفرصة المثالية لإستعادة ذكريات الأيام الخوالي وما سيجمعهما أكثر مع الأخرين، فعندما تسير وسط الألوان المزينة والأغاني الرمضانية المبهجة فتطير من الفرحة وتشعر بإحساس لا يوصف كما لو إنك قد ولدت من جديد وملكت العالم، لتمر الأيام القليلة كما لو كانت سنين منتظرة بشوق ولهفة، والجميع على أهبة الإستعداد؛ لرؤية الهلال وما إن يظهر إلا وتبدأ مظاهر الإحتفال على مدار 30 أو 29 يوما متواصلين وهى:

1- مدفع الإفطار:

“مدفع الإفطار..أضرب”، الجملة التى ينتظهرها الجميع بلهفة وبطل هذه الجملة هو مدفع الإفطار الذى أرتبط دوي صوته فى وجدان الجميع بلم شمل العائلة والدفء الأسري، ولمدفع الإفطار قصص؛ إذ كان فى بعضها محور الكون وبعض الحين الراوي وأوقات أخرى أكتفي بدور الكومبارس -البديل-، على الرغم من ذلك لا يزال يحدث فى أنفسنا تأثيرًا قويًا بالعودة إلى الحنين وأيام الزمن الجميل كرمضان ولياليه، قد يظن الكثير عند سماع صوت المدافع أن هذا مؤشر على الحرب، لا ليس بالضرورة ففي الشهر المبارك نستخدم دوي أدوات الحرب كإعلان عن قدوم الإفطار مع غروب الشمس خلال الشهر المبارك، كثرة الروايات حول بداية نشأة مدفع الإفطار إلا أنها جميعًا أتفقت على أن مسقط رأسه كان “القاهرة”، إحدى هذه الروايات تقول أن الوالي كان يجرب مدفعًا جديدًا حصل عليه من أحد الولاة وبالصدفة أطلقت الطلقة تزامنًا مع وقت الإفطار فظن عامة الناس أن الوالي فعل ذلك عمدًا؛ لتنبيهم على موعد الإفطار فتوجهوا إليه بالشكر فعندها أمر الوالي بإطلاقه وقتها يوميًا خلال الشهر، آنذاك كان يتم إستعمال ذخيرة حتى عام 1859 حينها أستبدلت بذخيرة صوتية إلى أن وصول الأمر فى نهاية المطاف إلى سمع صوته عبر الراديو التلفزيون؛ خوفًا على منطقة المتحف من أثر تلك القذائف آنذاك بالإضافة لمواكبة تطور العصر.

2- المسحراتي:

لقب يطلق على الشخص المسؤول عن مهمة إيقاظ المسلمين لتناول السحور فى ليالي رمضان المباركة عن طريق طبلًا أو مزمارًا، فيوقظ الناس لتجهيز وجبة السحور، وهي وجبة يتناولها المسلمون ليلًا خلال رمضان ليتمكنوا من الصوم نهارًا.

 يقال أن أول مسحراتي فى الإسلام هو الصحابي “بلال بن رباح” لكن أول مسحراتي بالمعني الحديث الرائج حاليًا هو “عتبة بن إسحاق”، وبمرور الوقت أنتشرت هذه المهنة بأسماء وألحان مختلفة فى العالم الإسلامي؛ إذ يدعى فى المغرب ب”النقار” وأداته فى الإيقاظ البوق، بينما فى اليمن تجده يدق على أبواب أهل الحي لتنبيهم لوقت السحور فى حين قد اشتهرت هذه المهنة خاصة فى الشام إذ أصبح لكل حي مسحراتي خاص يتجولون الشوارع قارعين الطبل قائلين “أصحى يا نايم، وحد الدايم”.

3- زينة الشوارع:

 يتميز الشهر المبارك بعادات جميلة تعكس روح التضامن والمحبة بين الناس منها تزيين الشوارع التى تشكل جزءًا كبيرًا منه فى العالم الإسلامي أجمع، يتغير أسلوب الحياة اليومية خلال الشهر تغييرًا جذريًا متمثلًا فى عاداته التى لا تنسى.

4- فوانيس رمضان:

تعتبر من أهم مظاهر رمضان الشعبية؛ إذ إنها تعطي طابعًا إحتفاليًا فتدخل لأنفسهم الألفة والمحبة التى تتميز بها الأفراح لدينا، ولا ننسى إنشاد الأغاني الرمضانية التى لا يمكن فصلها عن حمل الفوانيس كما لو كانت جزءًا لا يتجزأ منها، كما يرى الكثيرون أن الفوانيس تمثل رمزًا خاصًا لشهر رمضان المبارك خاصة فى “أم الدنيا” مصر.

5- موائد الإفطار:

تعد موائد الإفطار من أجمل ملامح الإخاء الإنساني والتلاحم بين الناس؛ حيث تكمن غاية الصيام والوجود الرمضاني هو الإحساس بالفقراء والعطف عليهم، ومن هذا المنطلق تقوم العديد من الدول العربية بإقامة موائد إفطار جماعية تستضيف على مائدتها جميع الراغبين بمشاركة الإفطار مع إخوانهم فتكون الموائد عامرة بما لذ وطاب من الطعام ويفتح الشهية؛ إذ تجلس حشود من الصائمين فى صفوف منتظمة بإنتظار أذان المغرب؛ تزامنًا مع موعد الإفطار، فيتكاتف الجميع فى تجهيزها؛ لأخذ الأجر والثواب.

6- المأكولات الرمضانية:

تزين الموائد الرمضانية بأشهى المأكولات من أشهر الأطباق المميزة التى لا تحضر جميعها طوال العام ومن أشهرها فى الدول العربية:

• الملوخية: طبق مصري لذيذ يتكون من نبات الملوخية المطهوة كالحساء ويقدمها مع خبز أو الأرز أو دجاج المحمر.

• الحريرة: حساء مغربي غني بالفيتامينات والمذاهب الشهي يحوي اللحم والطماطم بالإضافة للشعيرية والحمص والعدس.

• المقبلات: تشتهر الموائد الرمضانية فى الشام بأطباق المقبلات المتنوعة كالحمص والمتبل والفول وبابا غنوج.

• الثريد: طبق إماراتي يزين موائد الإفطار مكون من الخبز المطبوخ بالمرق مع اللحم والخضار.

• الفول المدمس: هذا الطبق المصري يكاد لا يخلو من الموائد فى رمضان؛ إذ تجد بائعي الفول منتشرين فى كل مكان، ويحث صوتهم المميز على شراء الناس منهم قائلين: “إن خلص الفول، أنا مش مسؤول..ماخطرش في بالك يوم تفطر عندنا” وغيرها من الكلمات الطريفة التى تبعث السرور فى نفس الشخص.

7- الحلويات الرمضانية:

• الشباكية -المشبك-: حلوى رمضانية مغربية الأصل تتكون من عجين رقيق محشوة بالعسل والمكسرات.

• اللقيمات -الزلابية-: كرات من العجين تقلى بالزيت، تحلى بالعسل أو دبس التمر مع رشة سمسم.

• الرز بالحليب: حلوى بسيطة الصنع إلا أنها لذيذة ومغذية، فيها يتم طهو الأرز مع الحليب مع تزينه بالزبيب والمكسرات.

• القطايف: عجينة تشبه الفطائر المقلية، تحشى بالقشطة والمكسرات قبل أن تقلى فى الزيت وتحلى بالعسل، ولا ننسى الكنافة وهما من أكثر الحلويات التى يتناولها الشعب المصري.

• المعصوب: حلوى يمنية الأصل لذيذة ومغذية تحضر بالخبز مع الموز أو التمر.

8- المشروبات الرمضانية:

تعد الروينة من أشهر المشروبات الرمضانية فى لبيا، وتحضر بطحن الحبوب المكونة من القمح والحلبة والكمون وغيرها من الحبوب المغذية.

يعد التمر مع الحليب أو قمر الدين أو الخروب والعرقسوس والتمر والعصائر وأكل الخشاف من أكثر المشروبات تواجدًا على الموائد الرمضانية فى مصر.

9- صلاة التراويح:

بعد الإنتهاء من الإفطار واللهو تبدأ صلاة الترويح، وهى صلاة تقام بعد صلاة العشاء مباشرةً، فتمتلئ المساجد بمختلف الأعمار والأجناس إلا أنها تنتهي فى ساعة متأخرة من الليل وقتها يختلف من جامع لأخر بحسب تلاوة الشيخ آنذاك.

يوجد الكثير من العادات والتقاليد المتنوعة الخاصة بشهر رمضان الكريم والتى لا يمكن حصرها.

 

تعرف أيضًا على: تقاليد العربية للإستعداد لشهر رمضان

 

أظنكم قد لاحظتم أن بعض هذه العادات الجميلة قد بدأت تقل وتفقد بهجتها؛ بسبب الحياة القاسية ومشاكلها، لكن دوام الحال من المحال فيجب علينا التمسك بشهر رمضان وعاداته وما يصاحبه قدر الإمكان وجميع عاداتنا الثقافية ففي ظل هذه التغيرات والتطورات قد أصبح العالم كالموجة الهائجة التى تطيح وتدمر بكل ما هو جميل وأصيل؛ لذلك يجب التشبث بأثمن ما نملك؛ إذ أن الندم لن يفيدنا لاحقًا؛ لذلك حافظ على ثقافة دولتك ولا تجعلها تتأثر بالعولمة.

تابعنا أيضًا على: https://www.facebook.com/Youth.media.cardes?mibextid=ZbWKwL

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock