مقالات

من الدعشنة لمهاجمة الالتزام: تهجين تحليل فتيات التخرج لرقصهن

كتب: مصطفى نصار

لا تقرب من الإرهابي: أسلمة الإرهاب وإرهاب الإسلام

 

قد ترى العنوان الفرعي للمقال منفصل تمام الانفصال عن موضوع المقال الأساسي ألا وهو الرقص فى الحفلات، لكني سأقول لك بمنتهى الوضوح أن الإرهاب الإسلامي ظاهرة منبعها نفسه لرقص حفلات التخرج والأفراح، التى تحولت لظاهرة مستفزة تستحق التأمل والكتابة عنها دون مدحها أو تضخيمها إعلاميًا منعًا لأيقنة التافهين.

 

 

ويختلف السياق الدولي عن المحلي فى عدة عوامل، أدامها والتى لا يخفي ملاحظتها هى المراحل الساحبة للشخص للتقليد الواقعي، فتجد انتشار ظاهرة الزنا والبلطجة باتت كالمعتاد بل و الطبيعي فى مجتمع يُفترض إسلامه.

 

وقبل أن تلقى عليّ اتهامًا بالتهم و التصنيفات المعلبة، فمن المعيب والشائن لنا كمسلمين أن نعتقد بتوحيد به شوائب ويتحول منظور الحلال والحرام والممنوع والمسموح، لمسموح بحسب اللحظة لإنها فقط لحظة عابرة، أو مرة فى العمر.

 

 

وعندي سؤال ملح بهذا الشأن وهو “ألم تجد هؤلاء الفتيات غير العامة لتعرضن بأجسادهن أمامهم من أجل الاحتفال بالتخرج، وأين حرمة الجامعة التى أنتهكت وتسافلت وسقطت سقوطًا مدويًا؟

وإن كان الأمر بفرح ومزاعيم فالسؤال يختلف ويتحول بوصلته للزوج الذى سمح لحرمته وعرضه أن تكون سلعة رخيصة تتقاذفها أعين الغرباء وأصحاب النفوس المريضة؟”

وإذ كان المفكر الراحل “مصطفى محمود” فى كتابه عصر القرود قد جزم بأننا فى عصر اللذة والشهوة، فإنه إن كان حيًا لأكد أنه عصر العبيد والمملوكين الجدد للتريند.

 

 

وقبيل أن يؤكد لي أحدهم أني أبالغ حقًا أو تهاجمني نسوية مسعورة على حقوق مزيفة ومساواة قاصرة على التحول الجنسي والابتذال والفحش، فدع التاريخ الأمريكي فى التدرج للفحش والبذاءة والتطبيع مع العاري والتافه والساقط والتقليد الأعمى من أجل أنه وجد نفسه فى القتل أو الاغتصاب أو المساكنة.

 

وللدكتور “سكيب داين يونغ” فى كتاب السينما وعلم النفس معارضة واضحة للذين يقولون للمرء لا تبالغ أو دع المرء يقلد أو إنها مرة واحدة بالعمر، حيث يؤكد أن قابلية التكرار والاستمرار يخلق الحوافز والدوافع النفسية إما للتقليد والمحاكاة أو للتفوق عليه فى الفعل الإجرامي أو الفاحش للإشباع والزهو و لو كان ظاهريًا.

 

 

وبمجرد التطرق للمجتمع المصري فى السنوات العشر الأخيرة، نجد أن “الشبحنة” و”البلطجة” و”السندالة الخسيسة” والانحطاط الأخلاقي طفح علينا نتيجة المسلسلات والأفلام التى تعظم وتمجد فيها أكثر من الإسلام ذاته وفروضه وأركانه. فالمجتمعات التى تمجد الانحطاط، كما أسهب بالشرح الدكتور “مصطفى حجازي” فى كتابه الإنسان المهدور هو إنسان الفراغ و دالعدم السريع، والذى يظن بمنتهى البله والسذاجة أنه ملك زمام الدنيا والآخرة بمجرد أنه نضج وكبر وواجه المجتمع وعلم مكامن الأمور، وللأسف العلم الذى ليس له وحي سماوي أو سند صلب ينهار سريعًا أمام تكهنات واقع مؤلم ولن تطل التحديات، أو كما يقل “إريك هوفر” الصلف الذي يغلف قدر العلم صلف مصبوب معيب، وأضيف عليه أنه لا يفك ولا يقوض مشكلات بل ينسجها من الفراغ.

 

 

وأما بالنسبة للفتيات، فالنذر يسير فى الاقتناع للموجة والموضة والمكياج، فالتبرج عزيزي القارئ أحب للجيل الحالي من أغلب الفتيات من إرتداء حجاب كامل، والتعويض عنها بنظم حجب مستقاة من العقيدة اليهودية بحجة أنه يغطي العورة!!
ويكمن السؤال هنا لا فى مدى الجهل فقط بالحجاب الذى يساوي الصلاة عند الفتيات بل فى سماحهن لتسليع وتشيئ أنفسهن، لتتحقق مقولة “بيير داكو” فيهن أن المرأة تعيش أكثر العصور انحطاطًا وذلًا، والإضافة هنا ليست إلا متممة لحجتي حتي لو جاءت فى سبيل الهجوم والانتقاد أو التشكيك لسبب بسيط للغاية وهو عدم وجود حجة مضادة تستند على أساس صلب وصامد يمكنه الدفاع والمواجهة إلا وتجد العشرات المدحضة له.

 

 

وأما بالنسبة للحالة المجتمعية التى نعيشها الآن، فهي نتيجة طبيعية ومنطقية للشحن الجنسي والعاطفي وتطبيع الفواحش والخرق السريع والصاروخي، طوال نصف قرن ليمرر بنعومة ويسر من خلال الأفلام أن الملتحين إرهابيين أو فاسدين، وإنتهاءً بمحاولة تحليل الرقص والتبرج ونزع الحياء؛ لتصبح الأنثى مجرد إنها تتمركز حول نفسها فحسب لإضفاء بعد أحاديث مخفقة تتمثل فى “الحرية الفردية” و”تطبيقات المساواة”، وما هى بالأساس سوى وهم نسوي أخرق ينقصه الدليل كما سنتناول فى الفقرات التالية.

 

 

“أنا أيضًا”…شعار الحرق الذاتي للمرأة بصبغة براقة

 

فى كتاب المرأة الثالثة ديمومة الأنثي، يستطرد المفكر الفرنسي “جيل لبيوفتسكي” فى التغييرات الحادثة للنساء فى الغرب على وجه الخصوص، قائلًا بأنها تغييرات تهدف لخنثونة المجتمع و الذكور خاصة، أي أن تمكين المرأة غايته فى حد ذاتها هدم وتقويض المجتمع بإضفاء طابع الدياثة والسفول الأخلاقي عبر قبول الشاذ وغير التقليدي واستنثانثك وتعودك عليه، ثم يأتي فى النهاية الدفاع عنه بصفتها حرية و”منكر يموت بالسكوت عنه”، دون تحديد أي منكر قد شاع وسُكت عنه ومات؟!.

 

تعرف أيضا علي…الجريمة الكاملة: جناية الرأسمالية والنسوية على المرأة

 

وطالما انتشرت شعارات مثل “أنا أيضًا” و”لست بأسوأ منه” و”أنا أفضل منه فى العمل النيولبيرالي”، فيفضل وقتها أن تتحملي نتيجة أفعالك عندما سمحتِ بإزداء نفسك وإهانتها، ولا يقتصر الأمر على مجرد العمل بل الاستعراض والرقص كما وُضح سلفًا، لينتهى فى نهاية الأمر بحرب كلامية سخيفة على من يريد الحق والنفوس غير السوية. فالتفاف الأهالي والنساء بجنبهم دليل على تمحور شبه كامل حول أنفسهن، والأفدح من ذلك قبول نزع الحياء منهن للتدرج الممهد للوقوع فى الفحش لما فيه قبول واستساغة من النفس.

 

علاوة على ذلك، تربط الباحثة اليهودية “كاترين روتبيرغ” بين العمل والرقص ومستويات الرعاية كأم، لما فى المجتمع من تسفيه وتهميش قيم ومبادئ الأمومة، إما بصفتها غير هامة أو غير مربحة، وبناءً على ذلك سنتحول لمجتمع مليء بأمهات مشوهات لن تُعلم أبنائها إلا قيم معوجة لا أساس لها إلا المجتمع المهترئ لتخرج جيل يخاف من اللحية ويُستنفر منها ويبغض الحجاب ويستبدله ب”طرحة” على مقدمة الرأس.

 

إن الحلول لهذه الأزمات بسيطة نظريًا لإنها نصحية عامة يسهل تطبيقها، ولكنها صعبة لاعتمادها على تغييرات جذرية اعتمدت عليها النفس المفرغة، وتحديدًا نفس نوعية النساء المذكورة لتفكيرها الناقص والقاصر بحق بأفكار لا تنتمي لها ولا تتناسب لها، فكما يقول “أبو الحسن الندوي” عن التبني المرواغ للقومية، فإن تبني الأفكار النسوية تفكيك وهدم داخلي لمن يتبناها أولًا ولأهله ثانيًا ولمجتمعه ثالثًا.

 

ولابد من الانتباه لتجنيب الدين والقرب من الله فى هذا الصدد لأن من يعرف بالضرورة ربه يعلم أن التمايل والاستعراض خطأ وليس بالمقصود هنا استحقار أو استنكار الفرحة والبهجة، فمن يريد البهجة يومها يجمع الذكور وحدهم ليرقصوا كما شاءوا ونفس الأمر على النساء.

 

وليس لدينا إلا خير نساء العالمين السيدة مريم العذراء حينما استغفرت ودعت ربها بخجل واستحياء قلما وجد فى شابة، والحياء لا يتنافى مع الأنوثة على الإطلاق، ولكن إطلاقها يرخص ويسفه منها لما فيها من ثمن باهظ ونفيس ينافح من أجله الناس من أعمارهم وعلمهم وأموالهم لزواج صالح غير مؤذٍ وبناء للأجيال.

 

فكما يقول الباحث “أيمن عبد الرحيم” أن البيت الصالح لا المثالي يفتقر فقط لقانون الضبط والانتقاء ليس قانون الاقتصاد الذى يسهل على المرء خياراته الصعبة والشاقة لتتحول لأسهل وأيسر إما كمًا أو كيفًا، ليخرج لنا بيت صغير مسلم مسالم يطبق وينتج ويدعو بمن أنتجه مجتمعه لهدى ونور ورجولة نستعجبها فى أهالي غزة.

 

فالأثر الحتمي للبيت الصالح نتاج صالح وزرع أخضر نضر وليس انحدارًا فكريًا ينم عن عبودية ومملوكية آمنة، غير ذلك تعبئة مغايرة للواقع بحجة الحرية والعدل المقصين والمقطتعين من سياقها خطوة أولى لقبول الإلحاد و العلمنة واللبرة المسيطرة على عقول وقلوب الناس وإغلاقها لفكرهم وقريحتهم.

 

تابعنا أيضا علي…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock