معاناة العيش فى غزة
كتبت:- أسماء أشرف
بعد أكثر من مائة يوم من العدوان على غزة، كيف يعيش سكان القطاع فى ظل انعدام مقومات الحياة؟
فى غزة يعيش حوالى 2.2 مليون شخص تحت وطأة الحرب… وفى ظل القصف المستمر على المنشآت المختلفة من بيوتٍ لمدارس وصولًا إلى المستشفيات والمجمعات الصحية والسكنية، بالإضافة إلى انعدام سبل العيش الآدمي.
فمن هم باقون فى غزة لا تتوافر لديهم أيًا من سبل الحياة… فلا يوجد لديهم طعام أو حتى ماء نظيف… بالإضافة لعدم توافر الخدمات الصحية بشكلٍ كافٍ، فضلًا عن التهجير المستمر واضطرارهم للمكوث بمخيمات للاجئين خوفًا من القصف -ولكنهم مع ذلك يقصفون!- … وبالإضافة لإنقطاع سبل الاتصال والانترنت بشكل شبه مستمر عن القطاع.
فيبقى هنا التساؤل.. كيف يستمرون فى العيش فى ظل كل هذه المعوقات؟
إن انتقينا ضحايا القطاع فاخترنا من بينهم عائلة واحدة لنتحدث عنها، هذه العائلة كانت تحيا حياة مستقرة نوعًا ما، ومع دخول الحرب وبعد عدة أيام قُصف منزلهم واستشهد عدد من أفراد العائلة ونجا الباقون… ولكن من بين الناجين من يحتاج لإجراء جراحة عاجلة، وفى ظل انعدام الخدمات الصحية أجريت له الجراحة بدون أى مخدر لتسكين الألم… فمات متألمًا.
واستمرت بعده العائلة فى البحث عن مكان آمن للمكوث به، وبعد معاناة من البحث عن خيمة للجوء… ومعاناة أخرى لتوفير طعام وماء… ومحاولة ثالثة للوقاية من البرد، ومحاولة رابعة لتلقي العلاج، ومحاولة خامسة للنجاة من القصف والبرد والجوع، ومحاولة سادسة لنقل معاناتهم للعالم… وتستمر المحاولات باستمرار البقاء.
وعلى الجانب الآخر هناك من قُصف منزله فلم ينجو أحد.
تعرف أيضا علي…ما بين الاحتراق النفسي ومشاهد القصف في غزة
هذا ليس حال عائلة واحدة أو اثنتان ممن يعيشون فى قطاع غزة… وإنما حال جميع سكان القطاع… هذا حال أكثر من مليونى شخص من بينهم 47% من الأطفال ممن هم دون سن الثامنة عشر.
وإن تحدثنا عن معاناتهم بصورة أعم فسنجد إنه ومنذ بدء العدوان، يعانى حوالى 600 ألف شخص من نقص حاد فى مياه الشرب التى إن وجدت فتكون بنسبة قد تصل ل 95% ملوثة وغير صالحة للشرب، أما عن الأمن الغذائي.
فبحسب تقرير التصنيف المرحلى المتكامل للأمن الغذائي (IPC) أن جميع سكان القطاع -2.2 مليون شخص- يعانون من نقص حاد وازمة نقص فى الغذاء… أما بالإنتقال إلى القطاع الصحى فسنجد بأنه على حافة الانهيار نظرًا لعدم توافر الوقود بشكلٍ كافٍ… بالإضافة لنقص الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية لإنقاذ المصابين والحالات الحرجة وللتخفيف أيضًا عن المرضى.
فيأتى جراء هذا من قد يموت نتيجة لعدم توفر الخدمات الصحية اللازمة لإنقاذه… فضلًا عن الأطفال الرضع المتواجدين فى الحضانات والذين قد يُفقَدوا فى أى لحظة بخروج المستشفيات عن الخدمة… وذلك بالإضافة لعدم توافر خدمات صحية مناسبة للنساء بمختلف حالاتهم… بالإضافة أيضًا لمرضى السرطان بمختلف أنواعه والذين أصبحوا غير قادرين على تلقى العلاج المناسب لحالاتهم.
وغيرهم العديد من الحالات الإنسانية التى هى فى أمس الحاجة لمجرد العيش الآدمي.
وبالإضافة أيضًا لوجود الآلاف من الأشخاص تحت ركام المنازل المتهدمة والذين لا تتوافر الإمكانيات لإنقاذهم… فضلًا عن تواجد عائلات القطاع بمخيمات اللجوء ومعاناتهم من البرد القارص، وتدهور البنية التحتية وأساسيات العيش الآدمي.
ومع كل هذا ومعاناتهم من أبسط الأشياء يتم قصفهم بإستمرار… فإما أن يموتوا جوعًا وبردًا وإما أن يموتوا قصفًا، وحتى إن استمرت الحياة بعد ذلك فستستمر بالمعاناة ومحاولة النجاة طوال الوقت، إن استمرت الحياة فستستمر لأطفال رأوا الموت بأعينهم، أطفال تُبتر أطرافهم بمعدل عشر أطفال يوميًا، أطفال لم يعودوا أطفال، إن استمرت الحياة فستستمر بجراحٍ لن تندمل.