مراسلة YMC-News من فلسطين – إسرائيل تشن حرباً نفسية وتتلاعب بالحقائق
كتبت:- غيداء شحرور
شكلت الخسائر التي ألحقتها المقاومة الفلسطينية لإسرائيل، وسحقها لأسطورة “الجيش الذي لا يقهر”، السبب في أن تُخرج إسرائيل سلاحه المعهود في كل حرب، ألا وهو “الإشاعات والأخبار الكاذبة”، بهدف ضرب الحالة النفسية لدى المقاومة والشعب العربي الفلسطيني، ومحاولة منها استعادة ما تبقى من هيبتها أمام مستوطنيها الذين ينتظرون منها سحق المقاومة الفلسطينية.
لطالما تعمدت إسرائيل الاستحواذ والسيطرة على إعلامها، الذي يقوده بالاصل إعلاميون قد خضعوا لتجنيد في الجيش، (أي أنهم إعلاميون ذوو خبرة عسكرية كبيرة)، الأمر الذي يجعلنا نتعامل مع كل تقرير أو مقال أو خبر يصدر عن الإعلام العبري بحذر شديد.
سلاح لا يستهان بها.. إن الحرب الإعلامية التي تفعلها إسرائيل ليست بالأمر البسيط، لأن خبرا واحدا كاذبا كفيلا أن يزعزع أمن المنطقة بأسره. هناك أسباب تجعل إسرائيل تلجأ لمثل تلك الأساليب الخبيثة، أهمها هو خوفها من السخط والمظاهرات التي ستقوم بها مجموعات كبير من المستوطنين المعارضين للحكومة، إضافة إلى حاجتها الماسة لتلميع صورتها من خلال تشويه صورة نظيرها في الحرب، حتى تبين للعالم أن ما قامت به من قتل أطفال ونساء ما هو إلا بغرض الدفاع عن النفس، وأن تلك البيوت السكنية تحتوي على قواعد عسكرية.
تعرف أيضاً علي – إسرائيل تستخدم المحرمات في حربها على غزة
الأمر المحزن هو تصديق الكثيرين للإعلام العبري، وإن الأسواء من ذلك هو اعتماد بعض القنوات والصفحات الإخبارية على الإعلام العبري كمصدر قاطع للأخبار والحقائق، التي تكون غالبيتها ملفقة، ولها أهداف سياسية عميقة، وتأثير مستقبلي قريب أو بعيد المدى على المنطقة العربية. من بين تلك الحقائق التي سببت زعزعة في الأوساط العربية هي مقولة “الجيش الذي لا يقهر”، رغم أنه إذا قمنا بمقارنة الإمكانات للطرفين، ستكون الغلبة للجيوش العربية. لذلك لا يجب علينا الاستهانة بذلك السلاح الذي يمكن أن يحول أحلام شعوب إلى كوابيس مفزعة.
معركة “طوفان الأقصى” بين الملاحم الميدانية والإعلامية.. منذ بدء الحرب نشرت إسرائيل إشاعات تزعم أن المقاومة تقتل الأطفال، وتقطع رؤوسهم. الأمر العجيب هو أن نفى صحة تلك المعلومات جاءت من صحفي إسرائيلي يدعى “أورين زيف”، الذي زار مستوطنة “كفار عزة” الواقع في غلاف غزة، ذكر أنه خلال زيارته لم يشاهد أي دليل يثبت صحة الإعلام العبري، في أن حماس “ذبحت أطفالاً”، وقال: “أنا أشعر بالأسف أن إسرائيل تستخدم الادعاءات الكاذبة لتصعيد الحرب على غزة”.
وفي السياق نفسه.. ظهرت ادعاءات تقول أن المقاومين استهدفوا المدنيين، وتعاملوا معهم بوحشية.
الأمر المثير هو قيام بعض المستوطنين الذين يحتلون مستوطنات في غلاف غزة، بالخروج في لقاءات تلفزيونية، وتصريح بعدم تعرضهم لأي شكل من أشكال الاعتداء، حيث قامت مستوطنة تدعى “روتم” بإجراء لقاء صحفي على قناة 12 “الإسرائيلية” تنفي تعرضها هي وأطفالها للضرب على يدي المقاومين، حيث ذكرت ضمن اللقاء: “دخل على بيتي مجموعة من المقاومين الفلسطينيين، شعرت بالخوف الشديد من أن يقتلوني أنا و أبنائي”، الأمر الذي جعل “روتم” تتوسل للمقاومين أن لا يقتلونها هي وأطفالها الصغار، وتضيف بالقول: “قال لي أحد المقاومين أنه مسلم، والمسلمين لا يقتلون الأطفال والنساء وكبار السن في الحروب”، وهذه الإجابة من المقاوم قد أثارت صدمتها، حيث كانت تعتقد أنهم “إرهابيون” يتعطشون للدماء، وكشفت “رتيم” عن موقف حدث لها مع أحد المقاومين، حين وجد المقاوم وعاء يحتوي على فواكه، فما كان منه إلا أن طلب منها أن يأكل حبة موز واحدة، وعندما سمحت له أخذها، وأضافت أنهم مكثوا ساعتين ثم خرجوا دون الاعتداء على أحد منهم.
تعرف أيضاً علي – المساعدات الإنسانية التي تقدمها مصر إلي قطاع غزة
على الجانب الآخر، ظهرت إدعاءات أخرى تقول أن حماس تصنع مواد إعلامية مزيفة، وتستغل الأطفال في تدريبهم على التظاهر بأنهم أموات جراء القصف الإسرائيلي. فما كان من مؤسسة “تحقق” (مؤسسة تختص بتدقيق المعلومات)، إلا أن بحثت حول القضية، وكشفت أن الصور التي انتشرت على أنها قوات من حماس تزييف مقتل أطفال، ما هي إلا لقطات وصور من كواليس فيلم “محل فوضي” الذي يتناول قضية الأسير الطفل “أحمد مناصرة”. إضافة إلى ذلك ظهرت إشاعات تتهم حماس بقتلها امرأة إسرائيلية معاقة وخادمتها الهندية، ولكن نفى هذا الادعاء بعد أن خرج أحد المقاومين في فيديو يظهر فيه أن المسنة والخادمة في سلام وأمان.
إضافة إلى ظهور إشاعات تزعم أن حماس خطفت مدنية إسرائيلية أثناء تواجدها في حفل موسيقي بالقرب من مستوطنة “راعيم”، لتكشف “تحقق” أن الفتاة هي مجندة لصالح جيش الاحتلال، وليست مدنية.
حرب نفسية ضارية .. هناك الكثير من الإشاعات التي تعمد الاحتلال نشرها بهدف خلق فتنة بين الشعوب العربية، من بينها الادعاءات التي طالت حكومة الأردن بأنها سمحت للجيش الأمريكي باستخدام
قواعدها العسكرية لنقل إمدادات لإسرائيل.
وهناك الكثير من الإشاعات التي خرجت من أجل أن تشعل نار الفتنة، أو بهدف إحباط معنويات الشعوب العربية، وخاصة الشعب الفلسطيني الذي لا يخوض فقط معركة عسكرية بل أيضاً معركة إعلامية شرسة، “معركة الحق والباطل”.