مقالات

لا مزيد من التضحيات…ضعوا حدًا لسطوة العالم الرقمي وتملكه لأطفالنا المتزايد

كتبت: ياسمين سمير صبرى

لقد وصلنا للذروة؛ إذ بكبسة زر استطعنا فتح بوابة لعالم جديد، محدثين بذلك ثقبًا يصل عالمنا بالعالم الافتراضي -الرقمي- ماحين جميع الحواجز، ومع مرور الوقت يزداد من يدخلون هذا العالم يومًا بعد يوم، جاعلًا عالمنا الواقعي خاليًا لا تدب فيه الحياة ناقلًا جميع معالم الحياة إلى العالم الافتراضي، إلى أن آل الأمر فى النهاية إلى فراغ العالم الواقعي بالناس والازدحام الافتراضي بهم، ولم يستثنى أحد قط؛ إذ استطاع مد يداه إلى أجيال المستقبل أيضًا محولهم إلى أطفالًا افتراضيين ذو فكر افتراضي مشوه بعيد كل البعد عن الواقع، منفيين مجرديين من موطنهم الأصلي وعالمهم الواقعي.

هل يوجد مفر من الخروج من سطوة العالم الافتراضي والعودة إلى عالمنا، وتحرير أطفالنا من هذا الإحتلال؟

“مخاطر تلتف حول أطفالنا ونحن عاجزين عن الرد”…ما هى تلك المخاطر؟

أصبح الإنترنت أهم فرد فى كل أسرة غير قادرين على طرده من منازلنا ما قاده إلى إمتداد مخالبه مشوهًا عقول أطفالنا “ممثلي مستقبلنا”، ومن لم يدركون ذلك أو متكاسلين عن المبادرة؛ فهذا الكلام لكم، لا بل للجميع؛ لذلك سنسلط الضوء على مدى التأثير الذى تحدثه التكنولوجيا وعالمها الافتراضي على أطفالنا شباب المستقبل المتمحورة حول التالي ذكره:

1_ المخاطر العقلية:
إذ ينتج عن ما يعرض فى العالم الافتراضي المعروف المستخدم لوسائل التواصل الإجتماعي من صور غير لائقة للأطفال وحتى الكبار من مشاهد عنف وجنس، تدعو لخلق إنسانًا مريضًا مشوه التفكير غير متزن، عبدًا لشهواته

وذلك يتمثل فى:

• خلق إنسان ملئ بالأمراض العقلية:
إذ يستطيع الإستخدام المستمر للحواسيب والشاشات بتأثير على التركيب الفسيولوجي للدماغ؛ مما يسفر عن سلوكيات إندفاعية وضعف القدرات الإدراكية والتركيز، وقد يساعد أيضًا على انتاج ما يعرف ب”الفكر الشيطاني المخل”، وخلق العديد من الشخصيات مشوهة الروح “ذواتي العقول المريضة” كالسيكوباتية وغيرها.

وكما نعرف جميعًا فالنفس والعقل مترابطان وبضرر احداهما يتأذى الأخر هذا ينقلنا إلى…

2_ المخاطر النفسية والعاطفية، إذ تكمن هذه المخاطر فى الآتي:

•الإدمان والتعلق المفرط:
حيث يؤدي الإدمان والتعلق المفرط بوسائل الإنتقال للعالم الافتراضي، كالحواسيب إلى خلق كثير من الأمراض النفسية والعاطفية المؤثرة على حياتهم كالإكتئاب والقلق الشديد والكثير والكثير من الأمراض النفسية والعاطفية المستعصية، بالإضافة لشعور بتدني تقدير الذات الناتجة عن المثالية المزيفة التى يحصل عليها الأطفال نتيجة للتعرض للمثالية الظاهرة لناشري المحتوى معطيهم احساسًا بالخذي والنقصان، وقد يصل الأمر للتأثير على نطق ومخرجات الطفل؛ إذ تقوم المحفزات المنشورة عبر الإنترنت فى الإسهام فى إفراز هرمون السعادة والمتعة فى الجسم، الأمر الذى يزيد من إحتمالية إدمان الأفراد خاصة الأطفال والمراهقين لها التى تشجع على العادات السيئة كإضطراب الشهية التى منها الأكل الإنتقائي وإفراغ الأمعاء.

مع الإشارة إلى أن أثار التكنولوجيا على الصحة النفسية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بعدة عوامل وهى:

*المحتوى المعروض علي الإنترنت وأنشطته عليها.

*مقدار ووقت تعرضه للإنترنت.

*العوامل النفسية كمستوى النضج أو وجود حالات مرضية مسبقة مرتبطة بالصحة العقلية أو ظروف الحياة الشخصية وغيرها من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إلى آخره.

•التأثير على الصحة العقلية:
إذ يستطيع المحتوى المعروض على شبكات التواصل الاجتماعي وإن كان ضار من التحفيز على خلق الأمراض النفسية وزرعها بجذور نشأة الأطفال وفترات نموهم التى من شأنها تحدد هويتهم وتصرفاتهم المستقبلية.

3_ مخاطر الأمان والخصوصية المتمثل فى:

•إنتهاك الخصوصية:
كما نعلم فالجميع لديه حق فى الخصوصية التى لا يجب على أحد أن ينتهكها ولا يسمح لذلك حتى من قبل الشرطة بحد ذاتها إلا فى الضرورة، لكن هذا العالم لا قوانين له فقد استطاع هذا العالم الملغم بالقنابل والأسلحة المخفية إنتهاك هذا الحق من خلال عرض معلومات حساسة لا يجب عرضها خاصة أن الأطفال والمراهقين قد يعرضوها فى حالات قلة وعي أو طيش مندفع منهم، وقد يصل الأمر لسرقة هويتهم عبر الإنترنت.

•عرض المحتويات غير اللائقة: قد يصل الأطفال أو حتى المراهقين لمحتويات غير مناسبة لهم كالمحتويات المنافية للأخلاق والداعية للعنف أو حتى الأفكار المضللة خاصة مع التعرض وعدم الإشراف الكافي من قبل الوالدين وفضولهم الغير المحدود الجاعل منهم فاتحين كل ما يريدون؛ إشباعًا لهذه الرغبة.

•التعرض للمخاطر الأمنية: كالإنتحال والتنمر الإلكتروني الذى يسبب الكثير من المشكلات النفسية للمتعرض لها خالقة إنسانًا قلقًا مدمرًا اجتماعيًا وأسريًا ضاغطًا عليه مسببًا إنتحاره فى نهاية المطاف، كما حدث مع الفتاة “نيرة”، وهذه الأعمال تستهدف الفئات ضعيفة الوعي والحيلة لتصرف بهذا الشأن كالمراهقين والأطفال.

4- المخاطر الإجتماعية التى تدور حول:

•ضعف المهارات الاجتماعية: المعروفة ب”الإنعزال الاجتماعي”، إذ ينتج عن الإستخدام المفرط لها من ضعف مهارات التواصل الاجتماعي؛ مما يضعف من مهارات التفاعل الاجتماعي الفعال ناقلًا تأثيرها المميت إلى حياتهم فلا يوجد حياة بالنسبة لهم من الأساس، فالحياة لا وجود لها إلا بالتواصل الاجتماعي فحينما تفقد هذه القدرة تفقد مع الحياة جاعلة من الطفل جسد بلا روح كالألات تمامًا.

•التأثيرات السلوكية الغير طبيعية:
حيث أن العالم الافتراضي يخلق للأطفال عالمًا مثاليًا ليس به مستحيلات، وخاصة إن هذا المحتوى خلق لذلك فالكثير من ألعاب الفيديو التى تحمل فى طياتها رسائل تحرض على العنف والسلوكيات غير الطبيعية، ولأن الطفل بطبعه ضعيف التفرقة لا يستطيع التمييز ما بين العالمين فيختلط عليه الأمر منفذًا سلوكيات عنيفة أو حتى غير مألوفة للكثيرين.

•الإتكال المفزع:
إذ ينتج عن تأثيرها المفرط والوصول السريع لكل ما يحتاج من معلومات إلى خلق إنسان عديم المسئولية يتكل على الجميع فى كل ما يفعل؛ مما يجعله إنسانًا فاشلًا لا يجيد فعل شيء.

5_ المخاطر الصحية: المتشكلة فى الآتى:

•التأثير على الصحة الجسمانية: حيث يؤدي الإستعمال المفرط للاجهزة الرقمية إلى تشكيل جسدًا خاملًا يملئه الدهون السامة المخزنة؛ مما يضعف من جسده وقواه العقلية فالعقل السليم فى الجسم السليم مما يؤثر على جميع أجزاء جسمه المضعفة للمناعة نتيجة لقلة الأنشطة البدنية التى يأخذ الجهاز وقتها، بالإضافة إلى أن النظر والجلوس لفترات طويلة إلى الشاشات قد ينجم عنه ضعف البصر وآلام الظهر والرقبة مضعفة من النمو الطبيعي لدى الأطفال.

•إضطرابات النوم “االأرق”:
حيث أن الإستخدام المفرط قبل النوم من شأنه قلة جودة النوم لدى الطفل مما يمنع من نموه السليم؛ لذلك وجب عدم إستخدام الأجهزة الرقمية قبل النوم بساعة على الأقل.

6_ المخاطر التعليمية المتمحورة حول التالي:

• قلة التركيز وتشتيت الإنتباه:
إذ أن الإستخدام المفرط من قبل الأجهزة الرقمية جراء التدفق المستمر للمحفزات فى العالم الافتراضي والتنقل السريع من مهمة إلى أخرى ومن مكان إلى آخر، يستطيع أن يحد من تركيز الأطفال ويشتت من الإنتباه مؤثرًا بذلك على أدائهم الأكاديمي والتعليمي؛ نتيجة للإلهاء الذى يحدثه الإنخراط المشتت عن أداء مهامهم وأنشطتهم اليومية.

•التأثير على مهارات التفكير والذاكرة:
حيث يمكن للإستخدام المفرط لها أن يؤثر على تفكيرهم وعمليات الدماغ لديهم بسوء، قاضيًا بذلك على أي مدخل للتفكير الناقد وتطوير مهارات حل المشكلات لديهم مؤثرًا بذلك سلبًا على تحصيلهم الدراسي.

فى النهاية فإن التأثير الأكبر لظاهرة “الإفراط الرقمي” من شأنها جعل الأطفال والمراهقين يمرون بوقت عصيب من الوحدة والتوتر؛ ما ينجم عنه إفتقارهم للدعم الإجتماعي، بالإضافة لمعاناتهم من حالات مرضية طويلة الأمد كونهم ينتمون لمجموعات مهمشة منبوذة كالأقليات المختلفة أو “مجتمع الميم” أو ذوي القدرات المختلفة.

ورغم كل هذا لا يمكننا إنكار نصف الكوب الممتلئ، فكما تؤثر علينا سلبًا فإنها فى المقابل أيضًا تسهل علينا الكثير من الأشياء الضرورية وتسمو بنا.

للأشياء وجه أخر…أفضال التكنولوجيا على أطفالنا لا يمكن إنكارها

فالتكنولوجيا كما بكثرتها تضر فإنها أيضًا بإعتدالها تفيدنا بالمثل، بل وأكثر خاصةً لدى الأطفال والمراهقين؛ لكونها تساهم فى تأسيسهم ونشأتهم المتمركزة حول كيفية تحويل تحدياتها إلى فرص وهذا يوضح فى الآتي:

1_ تعزيز التعليم ومهاراته:
من خلال توافر عليه مختلف أدوات التعليم المتطورة المساهمة فى تحسين العملية التعليمية وفاعليتها للأطفال من خلال تطبيقات التعلم الالكتروني والبرامج التعليمية الجاعلة من التعليم أكثر متعة وفائدة وتفاعلية؛ مما يعزز من الفهم السريع وحفظ المعلومات والإحتفاظ بها لأكبر وقت ممكن.

وذلك باتباع ما يلي:

– توفير مواد تعليمية ومحفزة:
من خلال الوصول إلى مواد تعليمية واسعة مختلف أنماط التعليم تتناسب مع الإختلافات الفردية من الفيديوهات والصوتيات والألعاب التعليمية التفاعلية وغيرها من المواد المحفزة لإيصال المعلومة، فهم المصطلحات المعقدة بكل بساطة وشوق وتحفيز؛ فمن دون الحافز والرغبة فى الأفضل لن تتغير حتى لو امتلكت الموهبة؛ فإن مع مرور الوقت ستختفي العزيمة أيًا كانت من دون الحافز المولد للحياة.

 

تعرف أيضا علي…أهمية تنظيم النسل وتأثيره على التنمية الاقتصادية

 

– تعزيز التعلم التفاعلي التجريبي:
من خلال البرمجيات والتطبيقات التعليمية المخلقة والداعمة للتجربة التعليمية جعلها عملية أكثر.

– تسهيل الوصول إلى الموارد التعليمية:
كونها أتاحت تمرير المعلومات الهائلة بكل سرعة ويسر، بواسطة الموارد التعليمية المختلفة من مواقع ومكتبات رقمية وقواعد بيانات، فالإنترنت يجعل من المعرفة أكثر إتاحة وسهولة.

– تشجيع الاستقلالية والتعلم الذاتي:
كونها تساهم فى التعلم الذاتي لدى الأطفال من خلال البحث عن الأدوات الرقمية خاصة مع التدفق الهائل للمعلومات؛ مما يعزز من إنجاز المهام وحل المشكلات بإستقلالية ويحفز على الثقة بالنفس ويكسب المهارات الحياتية القيمة كتحمل المسئولية مستقبلًا.

– تحسين التواصل بين المعلمين والطلاب:
وذلك بواسطة المنصات التعليمية والبريد الإلكتروني بالإضافة لمجموعات النقاش التى بإمكانها استطاعت كسر الحاجز بين طرفي العملية التعليمية بالتواصل خارج الفصول الدراسية؛ مما يعزز من الوصول للهدف منها بسرعة أكبر.

– الإستفادة من التكنولوجيا فى التكيف التعليمي:
بحيث يلائم هذا التكيف جميع احتياجات الطلاب وقدرات كل طفل، مراعاة لإختلافاتهم الفردية كالبرامج التعليمية التى تتيح خاصية التخصص بحيث تتيح تجربة تعليمية فردية تتوافق مع اهتمامات وامكانيات جميع الطلاب.

– دمج التقنيات الجديدة بالمحتوى التعليمي:
إذ أن مواقع مثل هذه، كالواقع الافتراضي “VR”، أو حتى واقع ال”AR” المعروفة بالواقع المعزز التى بدورها تمكنا من فتح آفاق جديدة للتعليم؛ وذلك لقيامها بتوفير تجارب تعليمية غامرة بكل ما هو واضح ومبسط عن المفاهيم والمصطلحات صعبة الشرح.

بعبارة أخرى، فإن التكنولوجيا تعطي لمجال التعليم فرص لا تحصى فى تعزيز العملية التعليمية بمختلف مراحلها بكل متعة وبساطة.

2- تطوير الإبداع والتفكير الناقد:

حيث أن الاستخدام المعتدل الإيجابي للتكنولوجيا يساعد على خلق أجيال ذات فكر ناقد مطور للإبداع بمساعدة وسائلها المتعددة كالألعاب التفاعلية وأدوات البرمجة والتصميم الرقمي التى تشجع على التفكير خارج الصندوق وتقديم أفضل الحلول المبتكرة لحل كل ما يواجهونه من مشكلات.

3- تحسين التواصل والمهارات الإجتماعية:
وذلك عن طريق طرقها الكثيرة فى توفير طرق عديدة لدى الأطفال من أجل التواصل؛ مما يعزز من المهارات الإجتماعية، إذ يتم التفاعل من مختلف العالم عن طريق منصات التواصل الإجتماعي والألعاب الجماعية من اكتساب وتطور مثل هذا المهارات.

4- توفير أدوات ذوي الاحتياجات الخاصة:
إن التكنولوجيا أيضًا تستخدم كوسائل لذوي الإحتياجات الخاصة الذين يعانون من صعوبات فى الكلام والتعلم وغيرها من المعوقات التى تؤثر على حياتهم الاجتماعية؛ لذلك تقوم هذه التكنولوجيا التى تتمثل فى التطبيقات الخادمة لهذه الغاية بمساعدة هؤلاء الفئة لتغلب على مرضهم وتحسن مهاراتهم التواصلية.

الحماية دائمًا ما تأتي بالإعتدال… طرق حماية أطفالنا من رعب التكنولوجيا وعالمها

طالما أن هناك آثار سلبية وإيجابية، إذ فى الأمر يعتمد علينا فى النهاية فنحن من أيدينا جعلها سلبية وإيجابية فى آن واحد، وهذا سيتضح فى طرق حماية الأطفال من العالم الرقمي وتقليل مخاطره وهذا بإتباع ما يلي:

1- الإشراف والتوجيه:
بحيث يتم الإشراف على نشاطات الأطفال عبر المواقع تقديم الحدود والإرشادات الازمة للإستخدام ومعرفة ما يتابعه من خلال السجل وغيرها من التطبيقات التى تقيد الطفل بعيدًا عن كل ما لا يناسب عمره ، مع مراعاة عدم معرفة أو حتى إحساس الطفل بما تفعله منعًا لأي مشاكل بحيث تعامله كما لو كان صديقك وليس ابنك؛ بحيث تعطيه إحساس بأنك تنصحهم ولا تأمرهم، إتجاه توجيهم نحو استخدام آمن ومسؤول وليس عبثًا ومبالغة؛ منعًا لإمتلاك التكنولوجيا لطفلك مستقبلًا، وبدءًا من هذه النقطة ستتوالى عليها باقي النقاط التالية.

2- استخدام أدوات الرقابة:
من خلال تفعيل أدوات الرقابة على الأجهزة والتطبيقات المستخدمة من قبل طفلك تقييدًا لأي وصول لمحتويات غير مناسبة، وكما سبقنا وأشرنا أنه لابد من منع طفلك من تغلغل أو شعوره بأي شيء من هذه الرقابة لأن الأطفال وخاصة المراهقين آنذاك تغلب عليهم تصرفات مندفعة هوجاء لا تحتمل أي تصرفات وخاصة إن تعلقت بحريتهم ومعاملتهم كالأطفال لأن ذلك قد يجعلهم إتكاليين لا يتحملون المسؤولية؛ لذلك لابد وأن تعاملهم كالناضجين حتى لو لم يكونوا كذلك؛ لأن مثل هذه الأشياء تزيد من ثقة المراهقين وتملكهم بنية ومناعة قوية مما يساعد على النضج مبكرًا، لا تزيد من اهتمامك المفرط له فيتحول إلى قيد خانق، فقط دعه يتقدم إلى عرين الأسد مدعمًا بنصائحك وحبك له لتوازن أكثر ما بين الحرص والمخاطرة مخلقًا بذلك طفلًا صحيحًا.

3- تعليم الأمان الرقمي:
وذلك بواسطة تعلم الأطفال أساسيات أمان العالم الرقمي المضطرب، كالتعرف على الخصوصية وأدواتها ومخاطر الجهل بها من أجل تجنبها؛ لذلك لابد من إعداد أدوات الرقابة الأبوية ومعرفة الآباء لكيفية القيام بذلك، وذلك قد يكون من خلال تفعيل “البحث الآمن” على متصفحهم؛ إذ تحتوي جميع محركات البحث على هذه الوظيفة التى بدورها تحدد المحتوى الذى سيعرض على الأطفال بعيدًا عن كل ما لا يناسبهم وذلك من خلال الإعدادات، وأيضًا يمكن استخدام “إعدادات الخصوصية” الموجودة بجميع التطبيقات والألعاب الالكترونية، كما تساعد على تغطية كاميرات الويب عند الإستخدام التى توفر مزيد من الخصوصية، بمعنى أن هناك تطبيقات تمثل الدرع الخفي لحماية الآباء لأطفالهم عن التكنولوجيا السلبية كتطبيقات ال”Digital Wellbeing” التى تسمح بتحديد وقت معين لعمل التطبيق وهذه الخاصية تتواجد فى العديد من التطبيقات منها تطبيق ال”YouTube” بالإضافة لوجود تطبيق “YouTube Kids” المصمم خصيصًا لأطفالنا وعقولهم، ويمكن أيضًا ذلك عن طريق التحديثات المستمرة للبرمجيات واستخدام برامج وأدوات الحماية المساهمة فى تحديث الأجهزة ومكافحة الفيروسات والجدران الوحيد للحماية عند السباحة فى هذا المستنقع الموحش.

4- تشجيع الحوار المفتوح:
حيث أن مناقشة الأطفال فيما يشاهدون وما يمرون به خلال تجربتهم ومواقفهم على الإنترنت وفق ما كانت مريحة أو معاكسة لذلك، مع الحرص على أن تضع فى بالك أن الكلمة تحتمل أكثر من معنى وبإختلافها من سياق إلى أخر بحيث تختار الكلمات المناسبة المدركة، ولا تجعل مجرى الحديث من إتجاه واحد؛ منعًا لأي تضارب أو فهم أخر لكلماتك أو بث أي شعور خاطئ غير مهدف من هذه الكلمات، وتذكر أن نبرة الصوت من تغلف الكلمات وتزيد من فاعليتها خذ ذلك فى اعتبارك.

5- المشاركة فى الأنشطة الرقمية:
إن المشاركة تأتي معها الاهتمام، والاهتمام يأتي معه الفهم ومعرفة كيفية التفكير والراحة بالبوح، وذلك من أجل فهم اهتماماتهم؛ تقربًا أكثر منهم وتوقعًا لأي مخاطر متوقعة وهذا ما يريده جميع الآباء، فما لا يأتي بالسلطة والقوة يأتي بالمشاركة، مشاركة الاهتمامات وهذا ما يجب على جميع الأباء اتباعه فى التعامل مع الأطفال، كونها من أفضل السبل فى تربية الأطفال والتقرب منهم أكثر.

6- ضبط الوقت المخصص للشاشات:
إذ أن تحديد وقت لدخول العالم الافتراضي من شأنه منع توغل هسترية العالم الرقمي فى الوصول إلى امتلاك عقولنا وأجسادنا المنيعة ما بكم؛ إذ بأطفالنا ذواتي العقول ضعيفة المناعة؛ منعًا أو تخفيفًا على الأقل من الوصول إلى هذا الحد نحرص على تحديد وقت محدد لدخول والخروج من شبكة الإنترنت.

7- القدوة:
حيث إنه يجب على جميع الأهالي بأن يكونوا قدوة يحتذى بها أمام أطفالهم لأنه من غير الطبيعي والبعيد عن المنطق أن يمارس الأهل التكنولوجيا بطريقة غير حسنة وألا يفعلون العكس؛ إذ عند استيعاب المراهقون أو الأطفال لفكرة أو شيء ما لا يقتنعون به ما لم يوجد له مثال حي هكذا يفكر وهكذا يسير الأمر، فعلى كل من يمتلك سلطة أن يأخذ فى اعتباره سلوكه وتصرفاته ف بالقوة والسلطة يأتي القيد وليست الحرية كما يظن الكثيرون؛ لذلك حاسبوا أنفسكم إصلاحًا لأطفالكم ونشأتهم السليمة فلا تمنع طفلك من السجائر لأنها مضرة فى حين أنك تشربها!! هذا شيء لا يدخل العقل بتاتًا.

8- نشر توعية الآمن التكنولوجي:

حيث أن توعية الجميع خاصة الأطفال اتجاه كيفية استخدام الإنترنت بشكل آمن ومفيد وتعليم المهارات الرقمية اللازمة للحماية والإستفادة منها فى نفس الوقت كتعزيز الوعي الثقافي والعالمي، وذاك من خلال كون الإنترنت من أكبر النوافذ اطلاعًا على مختلف ثقافات العالم ومجتمعاته؛ مما يدعم بذلك تعزيز الوعي الثقافي لدى أجيال المستقبل، وهذا واجب على جميع من يعرف شيئًا عن هذا فلا يبخل أحدًا لا أحد بأي شيء حتى لو كانت معلومة صغيرة فتلك الصغير تستطيع أن تمنع عواقب وخيمة، بدءًا من توعية القريب انتهاءًا بتوعية البعيد بواسطة تنظيم فعاليات تعليمية متعددة كالندوات وورش العمل وغيرها من أساليب النشر والذيوع كمقالنا هذا على سبيل المثال.

9- تشجيع الأنشطة خارج الشاشات:
وذاك من خلال تحفيز الأطفال على ممارسة الأنشطة الواقعية تحفيزًا لحب الحياة الواقعية من خلال ممارسة الأنشطة التفاعلية خارج الشاشات كالرياضة والألعاب الجماعية وغيرها من الأنشطة المعززة للحياة الواقعية، وذاك يأتي بتحديد الوقت المناسب لاستخدامات الأطفال للتكنولوجيا وفقًا للمعايير القادمة:

* فهم احتياجات وأنشطة الأطفال اليومية.

* تعزيز الأنشطة الواقعية البعيدة عن الشاشات.

* مراقبة المحتوى المعروض والجاذب لاهتمامهم.

* مراعاة الفروق الفردية
* وضع قواعد واضحة ومتسقة سياسة -عقاب وجزاء-.

* تجنب الإستخدام قبل النوم على الأقل بساعة.

* كونوا قدوة يحتذى بها.

10- التعاون ما بين الآباء وجميع عناصر المجتمع:
إذ أن العمل بشكل وثيق مع عناصر المجتمع من أجل إحداث استراتيجية متكاملة توجهيها للإستخدام الفعال والسليم لتكنولوجيا العالم الافتراضي سواءً من خلال زيادة موارد الدعم وعمل مختلف الفاعليات التعليمية بالإضافة للتواصل المستمر بين مختلف عناصر المجتمع من خلال تبادل وتوافر المعلومات تصرفات الأطفال ومدى تقدمهم فيما يخص استخدام التكنولوجيا.

وأخيرًا وليس آخرًا، تعد المعرفة بالشيء من أفضل استراتيجيات ما فوق الأرض وتحتها؛ إذ لكى تتعامل عليك أن تفهم كيف يفكر طفلك، وهذا من شأنه أن يحل الكثير من المشاكل المتعلقة بالأطفال وتربيتهم عمومًا؛ حيث تتواجد معلومات لا ينبغي التغاضي عنها عند معاملة أطفالنا خاصة فى فترة المراهقة؛ تحسينًا لعمليات حماية أطفالنا من التهديد الجديد، وكما يقال “كلما عرفت أكثر تقربت أكثر” وهذه المعلومات ستعرض خلال النقاط التالية:

*يكون غير مكتمل النمو خاصة فيما يتعلق بالتمييز والقدرة على التنظيم الذاتي الداخلي المنظم والموازن للسلوك البشري المقيمة للتصرفات الصحيحة أو حتى الخاطئة، وبفقده هذه الميزة يميل المراهق لإتخاذ القرارات التصرفات الإندفاعية الطائشة كنشر أشياء لا يجب نشرها فى حالة الغضب مثلًا.

– إذا قضى المراهق الكثير من الوقت فى العالم الرقمي يحدث له نوعًا من الخلل بشأن التفاعل الفعلي والحياة المتوازنة مقضيًا بذلك على مهارات حياتية مهمة كالتعامل مع الملل والسيطرة على الضغوط وبغياب مثل هذه المهارات تضعف المناعة النفسية وتموت معها الحياة.

– عندما يسطو العالم الرقمي على عقل طفلك وتحاول جاهدًا إخراجه من هذا العالم دون سابق إنذار تقليل الدخول لهذا العالم أو حتى إشغاله بالأنشطة اليومية الواقعية؛ مما يصطدم الطفل بصعوبات فى التعود والشعور بالفراغ لإعتياده على التكنولوجيا فى حياته اليومية؛ لهذا ينبغي على الآباء الحرص على عدم إجبار أطفالهم على هذا وأن يأخذوا الأمر بروية وتدريجي قليلًا لأن الاهتمام المفاجئ يتحول إلى إزعاج خانق، فكل ما هو جديد بالنسبة للبشر مخيف، وهذا ما يتعرض له الأطفال عندما تتغير حياتهم اليومية، فقم بإحداث التغيير تدريجيًا، وكما يقال: “واحدة واحدة العصفور يبني عشه”.

– لابد من الجميع معرفة أن ما بين 5 إلى 6 أعوام من الأطفال يمرون بوقت حساس كونها تعد من أهم المراحل التى تبني الطفل وشخصيته؛ لذلك ينبغي لكل من يشرف مع أطفال هذه المرحلة أن يضبط وقتًا محددا للوقوف أمام الشاشات وإدارتها بكل دقة فائقة كونها من أهم الأوقات وأكثر ضرورية عند الأطفال حتى ذو الثماني أعوام؛ إذ تؤثر حينها المحتويات المعروضة عليهم على تصوراتهم واستجاباتهم للأشياء.

– هناك مفهوم خاطئ تداول بين الآباء بشأن أن تعرض الأطفال ذوي سن الثانية إلى الشاشات قد يساعدهم على تطوير اللغة لديهم أكثر؛ لأن تعرض الأطفال حينها لمثل هذه الأشياء ليست سوى ضوضاء بالنسبة لهم ولا طائل منها فى التطوير كما يعتقد الكثيرين.

ولتحقيق والفهم الجيد للأبناء وقبل كل ذلك لابد وأن تقام علاقة قوية ما بين الأهل والأبناء سواء بالتقرب منهم أكثر أو تشجيعهم على الحياة الواقعية ونشاطتها، وإعطائهم شعور بأنه محبوب ومقدر؛ إذ أن قيمة كبيرة داخل الأسرة فما فائدة الحب من دون الفهم الجيد لهذا الشخص.

طفل يقتل عائلته بسبب “ألعاب الفيديو” وأخ يقتل أخته بسبب “الريموت”…إلي أى مدى وصل تغلغل العالم الرقمي لعقول أطفالنا

مع الأسف، بالرغم من أن مقالنا شارف إلى نهاية الطريق، إلا أنه قد لا يهتم البعض أصلًا بمدى السلبية التى تحدثها التكنولوجيا فهناك من لا يتأثر إلا بالأمثلة الواقعية؛ لذلك ليس هناك أفضل من الأمثلة الحية فى تسليط الضوء على مدى السلبية التى تحدثها إتجاه أجيال المستقبل فما لا يصل بالعلم والنصيحة يصل بالترهيب والواقع المرير.

عثر فى أحد الأيام فى مدينة “إلتشي” بجنوب أسبانيا عن عائلة مكونة من أربعة أفراد وقد تم قتل كلًا من الأم والأب والأبن الأصغر وكان ذلك قبل ثلاثة أيام من اكتشاف الحادثة على يد أقاربهم بعد انقطاع أخبارهم، وقد كانت الصدمة أن الأبن الأكبر الذي يبلغ ال15 عامًا هو من قام بقتلهم؛ لأن والدته لم تدعه يلعب ألعاب الفيديو وقطعت الإنترنت عنه، صدمة بكل المقاييس، وقد توغلت وسائل الإعلام أكثر فى التفاصيل وأكتشف أن المراهق قد حصل على درجات سيئة ورسب فى خمسة امتحانات؛ونتيجة لذلك قامت والدته بمنعه من ألعاب الفيديو وقطع الإنترنت عنه، السبب الحقيقي لفشله فى الإختبارات، وكان ردة فعل المراهق خارج التوقعات؛ إذ به قتل والدته وأخيه الصغير وعندما رأي الأب ذلك صوب الأبن البندقية ناحية صدر والده لقوله: “لأنه لم يصمت” وهذا حسبما أعربت مصادر الشرطة، من ثم قام بوضعهم فى مرآب منزلهم، وقد أعترف الطفل بكل هذا عندما سأله أحد الجيران عن مكانهم فأجابه بإنزعاج وتبلد: “قتلتهم قبل أيام”

ولا تظنوا أن اللعنة قد اقتصرت على الغرب فقط،. فالعرب بالرغم من دينهم المحسن لجوهر الروح إلا إنهم لم يستثنوا من الأمر.

فى أحد الأيام استيقظ أهالي مدينة “العجوزة” بالجيزة على صرخات داوية معلنة ظهور جريمة بشعة، فتاة لا تتخطى ال12 عامًا ملطخة بدماءها مطعونة بأربع طعنات بسكينة حادة والمفاجأة أن من طعنها كان أخيها من الأب الذى يبلغ من العمر 15 عامًا؛ وذلك لإنها لم تعطيه الريموت -جهاز تحكم التلفاز-، وقد أتضح فيما بعد أن الأب قد أنفصل عن والدة المراهق بسبب المشاكل الزوجية، من ثم تزوج من أمرأة أخرى منجبًا بنتان، وبعد عشر سنوات قام الأب بإستضافة ابنه، وقد كان هناك الكثير من المشاكل ما بين الأبن وأختيه غير الشقيقتين وكثير من المشاجرات والمشاحنات الظاهرة فى تعديه بالضرب على أختيه؛ لهذا كان يعاقبه والده على الدوام، وفى ذات المرات كانت أخته تشاهد التلفاز وشاركها بالمشاهدة إلا أنها رفضت وأخرجته من غرفتها نتيجة لسلوكه الدائم المسيء؛ مما سبب فى غضبته، وبعد ذلك طعنها بالسكين أربع مرات لقوله أربع طعنات: “منعًا لإستغاثتها المتتالية لأبي الذى كان بالطابق الأول” من ثم أوهم والده أنه أضاع حقيبته ليجعلها ترى ما فعله بأخته ظاهرًا ذهول والده عما فعله.

وقد كان مصير المراهقين سواء فى أسبانيا أو حتى الجيزة -إحدى محافظات مصر-، هو السجن، والخطأ كامل لم يكن على عاتق المراهقين فقط بل كان لوالديهما دورًا فى ذلك؛ فقد تركوا العالم الرقمي يزرع أفكاره السامة إليهما فبدلًا من تربيتهما تركوا العالم الرقمي وأساليبه هو من يقوم بذلك؛ مما شاركا فى تحويل أطفالهما إلى وحوش بشرية متبلدة المشاعر لا تفرق ما بين قريب أو بعيد.

كل ما فى هذا العالم أسلحة فالحياة بأسلحتها ومكوناتها دائما ما تتخذ مسار “الين واليانغ” مسار الأبيض والأسود، والأذكى من يختار الفعل الصحيح، وكما يستفيد من الأشياء التى سخرت لها بحيث لا يفرط منها فتمتلكه بعدما امتلكها هو، ولأن على الكبار إدراك ذلك وايضاحه لأطفالهم منعًا لوقوعهم فى الفخ الذي وقعوا فيه سابقًا.

وهذا ما يريد مقالنا تحقيقه وبهذا المقال نستطيع أن نسلط الضوء وننبه جميع الأباء لمدى التأثير المفزع للعالم الرقمي والوجه الآخر الذى لا يدركه الكثيرون كون الحياة دائمًا ما تفاجئنا بأشواكها غير الظاهرة ونواياها الخفية.

صحيح أننا نكبر والكثير من حولنا يتغير، لكن لا يجب أن نجعل هذا التغيير يدمر حياتنا ويمحوها من الوجود، لتتطور وفى نفس الوقت نحتفظ بجوهرنا الذى بمحوه نُمحى معه، وأفضل ما يمكننا الختم به تلخيصًا لكل هذا العبارة التى تقول: “دائما ما يكون هناك خيط رفيع ما بين الأمل والألم والذكي من يلتقط هذا الخيط”.

تابعنا أيضا علي…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock