مقالات

فارس حماس الأخير…استحالة انتصار إسرائيل بعد الإدعاء باغتيال السنوار

كتب: مصطفى نصار

قتل السنوار…حفلة قبلها باب الجحيم

 

أعلنت عدة مصادر إسرائيلية عن اغتيال رئيس مكتب حماس السياسي داخل غزة “يحيى السنوار” بعد اشتباكات تمت عقب إيجاده في منزل مهدم في رفح برفقة مقاومين آخرين .

ووفقًا لهآرتس العبرية بعد تحقيق مزعوم من الجيش الإسرائيلي، أن عملية الاشتباك مع السنوار تمت على عدة مراحل تتخللها كلها درجات من الثبات والصمود البديع، بدرجة تقارب الأسطورية.

فأكدت الصحفية العبرية بحسب زعمها أن قوة من الجيش الإسرائيلي توصلت لمكان السنوار و”إرهابيين” آخرين، فتشابكت معه حتى أصابته في ذراعه الأيسر وقدمه اليمنى، مع نفاذ زخيرته. وبعد ذلك الاشتباك الكرتوني، انتهى بتصفيته بعدة طلقات نارية على قدميه ورأسه، مع قضاء وقت يتراوح بين الساعة والساعتين من الساعة 1 ل3 عصرًا في منطقة تل السلطان برفح.

بالرغم أن تلك الرواية تبدو متماسكة ومنطقية لحد ما، إلا أن الرواية تتنافى مع روايات أخرى أصدرها نفس العدو على مدار السنتين الماضيتين بنجاحه في اغتيال “محمد الضيف” دون جدوى تذكر، ليخرج لهم الضيف حيًا يرزق معافى في جسده. وتتعارض تلك الرواية كذلك مع تأكيدات الاحتلال الأمنية بأنه لا يعرف مكانه بدقة، مما أدى لتكثيف القصف على القطاع أملًا في قتله مصادفة كما أعلنوا بمصادفة بحتة عن إيجادهم للسنوار بتلك البناية.

وبالطبع، كان عليهم إعلان إجراء الفحوصات اللازمة للحمض النووي الخاص به للتأكد من كونه السنوار الحقيقي، ولم يعلن نتيجة الفحص الخاص بDNA حتى الآن. وإنما أعلن فقط عن إجراء الفحص الأولي فقط دون ذكر أية إجراءات توضح صحته أو خطوات التأكد من صحة هوية الشهيد المجهول، وما يعزز التشككات التى تحوم بتلك الحادثة والاشتباكات المريبة إظهار جواز سفر للأستاذ فادي زعرب المتواجد أساسًا في مصر، فكيف يتواجد شخص واحد في مكانين في الوقت نفسه!

وعقد رئيس الوزراء الصهيوني “بنيامين نتنياهو” اجتماعًا ملقيًا فيه كلمة وعيد وتهديد تمتزج فيها النشوة المنتفخة بالنصر المزيف، معلنًا أن العقبة الوحيدة أمام صفقة الأسرى قد أزيلت، وأن حكم حماس لغزة قد انتهى.

وهنا يكمن السؤال الأساسي لمجرم الحرب نتنياهو…أفلا ظننت أن اغتيال إسماعيل هنية بنهاية يوليو والعاروري ببداية العام الجاري أنهما ممهدان لعقد صفقة شاملة مع المقاومة حتى صعقت بالسنوار رئيسًا للحركة، وبنفس النمط مع حزب الله الذي لم ينالك منه إلا كل خسارة وهزيمة نكراء؟!

وجرى الغرب مهرولًا مدحورًا ليتناغموا ويرددوا على هواه أن اليوم التالي قد حان، وحان وقت التكاتف والتكالب ضد حماس لإطلاق الأسرى، كما أعلنت ألمانيا التي ما اختفلت عن ماضيها النازي قيد أنملة، وكذلك خرجت الولايات المتحدة ممثلة في رئيسها “جو بايدن” و”كاميلا هاريس” الذين أعلنا من تلقاء أنفسهما الساقطة أن اليوم عيد ويجب على العالم الاحتفال والفرح به لقتل من يعرقل أمن إسرائيل النازية.

وذلك كله تم من دون حتى التيقن غير من الإسرائيلي الذي تأكدوا أنه يكذب ويدلس بالقدر الذى يتنفسه على الأرض، بدايةً من خرافة قطع رؤوس الأطفال واغتصاب النساء، مرورًا بأنه أكثر الشعوب أخلاقية وتماسك في الاقتصاد ليتفاجأ أنهم على شفا انهيار سواء لم تتواجد حماس أو وجدت، ومن فم مؤرخينهم وفلاسفتهم كذلك.

الأمر الذي جعل “هنري كسيجنير” السفاح ومكوك الخارجية الأمريكية أن يؤكد أن حركات ما دون الدولة التحريرية كما يشاع، لا يقضى عليها بكثرة قتلاها ولا بحجم الخسائر المادية أو البشرية.

تعرف أيضًا على: يحيى السنوار…القائد الذى أمسك أشواك القرنفل وحولها لصواريخ على تل أبيب

مقتطفات من التاريخ الحربي…الحرب العادلة وليست الحرب الكمية

 

في العام الخامس عشر من الهجرة، الموافق 636 ميلاديًا، كان جيش المسلمين على موعد مع لقاء جيش الرومان الذي تكون من 200 ألف جندي، بينما كان المسلمون آنذاك لا يتعدى عددهم 46 ألفًا، ونتيجة للخطط الحربية المعمول بها من القائد “خالد بن الوليد” وتكتيكاته الحربية بإدخاله لنظام الكتائب الذي أربك الرومان للغاية، بالإضافة إلى تقسيمه الجيش لثلاث أجزاء ميمنة وميسيرة ووسط؛ ليهاجموا هجومات مباغتة وسريعة انتهت بهزيمة نكراء، دفع المؤرخين الحربين وعلماء كلية الملك اللندية لدراستها وتدريسها على سبيل المثال لا الحصر.

وجرد على بيانات ومعلومات الغزوات النبوية والفتوحات الإسلامية “ابن خلدون” نظرية حربية مفادها أن الحروب ليست بالعدد والعدة، ولكن بمدى الحق والعدل الذي يدعم العقيدة السليمة والواضحة الداعمة للخطط والاستراتيجات الحربية، فضلًا عن الحنكة والحبكة العسكرية التي تطبق بعدد قليل وهزيل، فالحق والعدل في الحروب يخترق القوانين المنطقية والطبيعية فيقلب المعدلات والموازين العسكرية، فيهزم الضعيف وغير الممكن عسكريًا إن ما أمتلك حق التحرر، فما ضاع حق وراءه مطالب.

وعند ركوب آلة الزمن والنظر للعالم الحديث في الحروب، من المدهش إيجاد تطبيقات عملية للنظرية الخلدونية في العالم، بدءًا من الدول العربية، وعلى رأسها الجزائر والمغرب وتونس اللاتي دفعوا الغالي والنفيس وأطنان من الركام وأهوال وملايين الشهداء والمصابين، والتي انتهت في نهاية المطاف بالتحرر الوطني من قبضة فرنسا.

ولعل هذا ما جعل عالما الاجتماع “بيير بوديو” و”روجيه جاوردي” التأكيد أن التحرير الجزائري والمغربي قريب بعدما قتل قرابة مليوني شهيد وإصابة أكثر من 400 ألف شخص معظهم من النساء والأطفال.

وأمعنت فرنسا المهانة والمذلة في قتل القادة الجزائريين منهم الأمير “عبد القادر الجزائري” الذي استشهد وهو ممتطيًا خيله ويحارب الفرنسيين عليه فاستشهد واقفًا في مطلع القرن العشرين، ومن تونس نذكر على سبيل المثال “فرحات حشاد” الذى قتلته فرنسا عن طريق تجنيد المنظمة المتطرفة والإرهابية اليمنية اليد الحمراء la main rouge، وعلى إثر ذلك، استشهد حشاد بانتقام وحشي برصاصات متفرقة وتم التمثيل بجثته في 25 ديسمبر 1952.

واتفق خبراء السياسة والحركات الإسلامية والاجتماع على أن الحرب لا تقف على معايير خسارة وفوز البشر، حتى أن “ريمون آرون” في كتابه الضخم “السلام والحرب” قال أن ممارسة الحرب من الطرف الأقوى فاشل عبر التاريخ، وكذلك الباحثة السياسية البريطانية “بيفرلي ميتلون”، أن حماس بعيدة عن أي هزيمة لعدة أسباب أهمها التقسيمات والتطور المستمر والغموض. فمن المستحيل هزيمة حركات تحرر من دولة لاختلاف البنية والتقييمات، ما يمثل عقبة للدولة، والتي هي في الأصل معتدية أو استعمارية، والتي تنتهى على صخرة صلبة تقتل أحلامها التوسعية أو بقائها أو تحقيق أهدافها في حالة تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الذي لن يفهم أن الحركات إن مات قادتها فسيخرج قادة أشد بأسًا وقسوة لتتحرر في نهاية الأمر. وتلك المعادلة ثابتة منذ فجر التاريخ، أو بحد تعبير “ول ديورانت” دورة الحروب التاريخية.

تابعنا أيضًا على: 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock