كتبت: ياسمين سمير صبري
ما هو الزهايمر؟
لعنة تصيب أجدادنا وتجعلهم يمرون بمعاناة لا يمكن تحملها نتيجة لحدوث تلف فى عضو حساس لا يمكن معالجته أو إستبداله، آلا وهو الدماغ البشري، أظنكم عرفتم عما أتحدث… أجل إنه الزهايمر.
– ماذا يفعل داء الزهايمر وماذا يكون؟
الزهايمر -خرف الشيخوخة- هو مرض عصبي مزمن، يحد من عمل أجزاء من الخلايا العصبية تدريجيًا، فتفقد الخلايا قدرتها على أداء عملها إلى أن تموت نتيجة لتغيرات البنية الدماغية، فتحدث تغيرات غير طبيعية كحدوت ترسيبات مفرطة لبروتيني”النشواني” و”تاو”، فينتج عن ذلك تلف واضطرابات فى ثماني مناطق من الدماغ وهى (الذاكرة- اللغة- مهارات الإدراك الحسي- الإنتباه- المهارات الحركية- التوجه- حل المشكلات- المهام التنفيذية) إلى أن يؤول الأمر لفشل أعضاء الجسم الأخرى، وتنتهي بالموت.
– أعراض الزهايمر وأكثر السلوكيات شيوعًا فيه
يمر حامليه بتدهور واضطرابات فى عدة أشياء منها:
1- الذاكرة:
العرض الرئيسي للزهايمر، قد يمر الجميع بفقدان بعض الذكريات من حين لأخر، إلى أن المصاب بالزهايمر يمر بهذه الحالة بشكل مستمر ومفرط، ويزداد بمرور الوقت فعلى سبيل المثال( تكرار نفس الأسئلة والعبارات، نسيان أسماء أقاربهم والأشياء المستخدمة يوميًا، وضع الأشياء فى أماكن غير منطقية أو مألوفة، صعوبة التعبير اللفظي أو الوصف المناسب للأشياء، الضياع فى أماكن مألوفة بالنسبة لهم).
2- التفكير والتركيز:
يجعل الزهايمر مصابيه يعانون صعوبة فى التركيز والتفكير، خاصةً إن تعلق الأمر بالمفاهيم المجردة كالأرقام؛ إذ أنهم لا يستطيعون التمييز بين الأرقام أو التعامل معها، بالإضافة إلى أنهم يواجهون صعوبة فى القيام بأكثر من شيء فى آن.
3- إتخاذ القرارات والأحكام المناسبة:
حيث يصعب على مرضاه إتخاذ القرارات والأحكام المناسبة فى الحياة اليومية، مثلًا قد يرتدون ملابس لا تتناسب مع المجتمع أو الطقس، أو قد لا يعرفون كيفية التصرف حول المشكلات اليومية.
4- التخطيط للمهام الروتينية:
يسبب لحامليه صعوبة فى التخطيط لممارسة الأنشطة اليومية أو إكمالها، كتحضير وجبة أو ممارسة الألعاب، إلى أن يؤول الأمر فى المراحل المتقدمة إلى نسيان كيفية أدائها.
5- تغيرات سلوكية وشخصية:
وتحدث نتيجة للاضطرابات الدماغية التى يمر بها مرضى الزهايمر؛ حيث إنها تؤثر على الحالة المزاجية والسلوكية وتسبب العديد من المشكلات منها
– الإنسحاب الإجتماعي
– الأوهام
* اللا مبالاة وفقدان الشغف
* الإكتئاب
* التقلبات المزاجية الحادة
* الهذيان
* عدم التحكم فى النفس
* إنعدام الثقة
* سلوك عنيف وغضب مفرط
* التغيرات فى عادات النوم.
لكن بفقدانه لكل هذه الأشياء.. هل يحافظ المصاب على شيئًا ما؟!
بالطبع نعم، لأن الإنسان لا يخسر كل شيء أو يفوز بكل شيء، رغم كل تلك الاضطرابات فى المهارات السلوكية والنفسية والذاكرة؛ فإنهم بإمكانهم الإحتفاظ ببعض المهارات حتى لو تفاقمت الأعراض منها القدرة على قراءة الكتب ومشاركة الذكريات وغيرها من الأنشطة؛ لأن هناك أجزاء من الدماغ المتحكمة بهذه المهارات لا تصاب بالضرر إلا فى المراحل المتأخرة من المرض.
تعرف أيضًا على…https://ymc-news.com/?p=29806
من أكثر تعرضًا للزهايمر من بين كبار السن الآخرون -الأسباب-؟
مازال سبب بعض حالات الزهايمر غير معروف حتى الآن، بإستثناء 5:1% من الحالات التى تم تحديدها بناءًا على الإختلافات الجينية والعوامل المختلفة؛ لذلك تتواجد العديد الفرضيات والأسباب المختلفة فى محاولة؛ لتفسير سبب المرض منها:
1- سبب جيني:
حيث تتراوح نسبة الإنتقال الوراثي الجيني للزهايمر 49:79%، فقد وضعت هذه الفرضية وفقًا لدراسات أجريت على عدة عائلات وتوائم؛ إذ أتضح أن هناك طفرة وراثية تحدث فى الجينات الثلاث المرتبطة بتشفير البروتين “النشواني”، فتقوم هذه الطفرة بزيادة إنتاجه بإفراط، فينتج داء الزهايمر، لكن قد يتفاقم المرض أكثر من ذلك فى حالة إجتماع العامل الجيني والبيئي معًا، فيمكن أن يمثل خطرًا أكبر على المصاب، ومن أشهر هذه العوامل هى “أليل”، فمثلا لا يظهر النيجيريين علاقة بين مقدر “أليل” أو العمر بالإصابة بالزهايمر الموجود عند المجموعات الأخرى، أي أن أليات عمل الجينات مرتبطة بظهور أو زيادة الإصابة بالزهايمر، وإذا حدث خلل فى جين ما فهذا يؤدي إلى ظهور المرض.
2- الفرضية النشوانية
تنص على أن مرض الزهايمر ناجم عن الترسيبات المفرطة للبروتين النشواني، ويسرع ظهور بزيادة الترسيبات، على الرغم من عدم معرفة كيف يحدث ذلك، فما دعم هذه الفرضية هو موقع الجين المسؤول عن إنتاج البروتين، فقد ظهر مرض الزهايمر مبكرًا على المصابين بمتلازمة داون، ويرجع هذا السبب لوجود نسخ مضاعفة من هذا الجين المسؤول عن إنتاج البروتين؛ لذلك تزداد البروتينات بشكل مفرط مما يؤدي لداء الزهايمر.
3- فرضية تاو:
متشابهة إلى حدًا ما بالفرضية النشوانية؛ حيث أنها ترجع سبب ظهور المرض إلى حدوث تشوهات فى بروتين “تاو” وارتباطه معًا، فتحدث فسفرة مفرطة فينتج عنها ترسيبات مفرطة وخلل وظيفي فى التواصل الكيميائي الحيوي بين الخلايا العصبية لتنتهي بموتها.
4- طفرة أوساكا:
تتعلق هذه الفرضية بالزهايمر العائلي -وراثي-، وإرتباطه بطفرة، فقد تم فرضها بمساعدة عائلة يابانية، فقد نشأ بينهم طفرة وراثية تقوم بحذف كودون (693) الخاص بالبروتين “النشواني”، فيحدث خلل ويظهر المرض؛ لذلك لا يحدث الزهايمر فى هذه الحالة، إلا للتوأم مالكي الطفرة.
5- الفرضية الكولينية:
من أقدم الفرضيات التى تنص على أن مرض الزهايمر قد حدث نتيجة؛ لانخفاض “الأستيل كولين”، لكنها لم تستطع المحافظة على دعمها، فقد تم إستخدام أدوية لعلاج نقصانه إلا أنها لم تكن فعالة.
6- الفرضية الإلتهابية:
تنص على أن الزهايمر يسبب إلتهاب متزايد فى الدماغ ويصل إلى ذروته بالإنحلال العصبي مع دور محتمل لعدوى مزمنة، هذه الفرضية أقرب ما تكون كرد فعل أو أثر لظهور الزهايمر أكثر من مجرد سببًا له.
7- فرضية الوعائية العصبية:
ينتج عن ضعف وظيفة الحاجز الدموي الوعائي الزيادة من إحتمال الإصابة بالزهايمر؛ حيث تحدث اضطرابات فى المعادن الحيوية كالزنك الأيوني والحديد والنحاس، إلا أن هذه العلاقة مازالت غامضة ما إذا كان هذه الاضطرابات تنتج عن مرض الزهايمر أو تسببها، لذلك لا يدعم عدة باحثين هذه العلاقة السببية.
8- فرضية تنص على أنه أثناء الشيخوخة يحدث خلل فى “الخلايا الدبقية”؛ فيؤدي ذلك لتلف المحور العصبي فينتج بروتيني “النشواني” و “تاو” وارتباطها مع بعضها، فتحدث فسفرة مفرطة كأثر لذلك.
9- فرضية العودة للخلف:
هذه الفرضية تدور حول كيفية تطور الزهايمر، وتنص على إنه كما يمر الجنين بعملية النماء العصبي، فذلك يحدث أيضًا فى الشيخوخة لكن بشكل معاكس أي أنه تدهور عصبي.
10- التدخين:
التدخين له دور كبير فى تفاقم الأمراض الخطيرة وظهورها؛ فالتدخين ليس حكرًا على الزهايمر فقط.
– مراحل المرض وكيفية تطوره
يمر المرض بأربعة مراحل مع وجود ضعف وظيفي ومعرفي تدريجي تتمثل فى:
– مرحلة ما قبل الخرف- مراحل أولية-:
فى هذه المرحلة تتشابه أعراضها مع أعراض الشيخوخة لذلك يلتبس الأمر عند التشخيص ويصعب.
– المرحلة المبكرة
– المرحلة المتوسطة
– المرحلة المتقدمة -المراحل النهائية-.
فيها يعتمد المريض اعتمادًا كليًا على مقدمي الرعاية مع فقدان القدرات اللغوية اللفظية.
ومع السير خلال هذه المراحل الأربع تزداد المهارات الدماغية والسلوكية والنفسية سوءًا.
– الزهايمر قاتل معذب لا مزاح معه
قد يظن البعض أن الأمر من دواعى المبالغة، ولكن لا؛ فالزهايمر داء لا يمكن الإستهانة به؛ فهو إلى الآن ليس له علاج محدد ولا يمكن رجوع المصاب كسابق عهده إلى أن ينتهي الأمر بموته، بالإضافة لسمته الغير متوقعة، فتختلف تجربة ومعاناة كل شخص عن الآخر سواء كان ذلك من ناحية المراحل أو الأعراض، وذلك اعتمادًا على صحة المريض فقد يزداد أو يتوقف؛ لذلك ليس من الضروري أن يمر الجميع بنفس المراحل،لذلك من الجيد عدم تفشي هذا المرض بتعقيده ومساؤه إلى عماد المجتمع -الشباب-،
لكن ماذا عن كبار السن ما العمل؟
– الوقاية خير من العلاج
إذًا كيف نقي أنفسنا من هذا البلاء أو نثبطه، كل ما علينا فعله هو إتباع الخطوات التالية:
* إتباع أسلوب حياة سليم
وذلك من خلال المواظبة على تنشيط العقل، وذلك بواسطة ممارسة الأنشطة العقلية والترفيهية كألعاب اللوح والعزف، مع البقاء نشيطًا متفاعلًا اجتماعيًا، بالإضافة لممارسة الرياضة التى تساعد على تدفق الأكسجين والدم إلى الخلايا فتتحسن صحتها، بشرط إستخدام معدات وقاية الرأس قبل الممارسة، وأيضًا يجب الإبتعاد عن كل ما هو ضار كالتدخين وشرب الكحول.
* إتباع نظام غذائي صحي-التغذية-
كإتباع نظام البحر المتوسط أو النظام الياباني، وذلك بالإبتعاد عن الدهون المشبعة والكربوهيدرات البسيطة.
* المواظبة على إتباع روتين منتظم؛ حيث ينبغي أن يتم إعداد جدول زمني؛ لتذكر المهام أو وضع المفاتيح فى مكان واضح ومعروف، مع إعداد قائمة بأرقام الشخصيات؛ للإتصال بهم عند الطوارئ.
* إجراء الفحوصات الطبية بإستمرار وإنتظام
ينبغي ذلك خصوصًا إن كان المصاب يعاني من أي أمراض خطيرة أخرى تودي بحياة الشخص وصحته ما لم يتم السيطرة عليها.
* الأدوية:
يمكن أخذ بعض الأدوية التى تساعد على التقليل من تفاقم المرض بشرط استشارة الطبيب كي لا تحدث أي أثار جانبية مع تحديد مدة التعاطي، لأن الإكثار منه قد يعكس من وظائفه ويساعد على تطور المرض؛ لذلك يجب الحذر فإن الأدوية ذو حدين.
كما نعلم جميعًا فلكل داء دواء هكذا تسير الحياة وعندما نقول أن هذا المرض ليس له علاج لا يعني بالمعنى المطلق، فيوجد العديد من الأساليب العلاجية الغير مباشرة قد تساعد على التقليل من حدته أو تثبيطه، بالإضافة للتقدم العلمي الذى ساعد على محو كثير من الأمراض فما ليس له علاج اليوم له علاج غدًا فتذكر هذا جيدًا.
…تابعنا أيضًا على