مقالات

خندق ماريانا – أعمق نقطة على وجه الأرض

خندق ماريانا – أعمق نقطة على وجه الأرض

كتبت: مريم خميس عبد الهادى

ما هو الوجه الظاهر من البحار والمحيطات؟

عندما ننظر إلى البحار والمحيطات ونتأمل جمالهم ولونهم الأزرق ورائحة اليود التى تشع منهم وشعورنا بالراحة فقط من منظرهم ..

فماذا عن الوجه الباطن والمخفي لتلك المناظر الطبيعية الساحرة ..

تعتبر البحار والمحيطات بمثابة مقبرة لكل شيء، مقبرة لكثير من الألم والاكتشافات..
تحتوى البحار والمحيطات علي كلمات لم نستطع البوح بها لأحد، على أمنيات نتمنى حدوثها، على أشخاص اخذتهم منا الحياة، على طموحات انتهت فى أعماق البحار؛ حيث يسود الظلام وتختفى آثار الأشياء ..

ولكن ماذا عن خندق ماريانا؟

حيث لا تصل أشعة الشمس، ولا يوجد سوى الظلام الدامس ..

يقع خندق ماريانا فى غرب المحيط الهادى بالقرب من جزر الماريانا، ويكون عبارة عن منخفض أرضى فى قاع المحيط على شكل هلال، ويبلغ طوله حوالى ٢٥٥٠ كيلومتراً وعرض ٦٩ كيلومتراً ثم ينحدر إلى فراغ أسود، ويصل عمق أبعد نقطة فى خندق ماريانا ” تشالنجر ديب ” حوالى ١١٠٣٣ متراً أو  (٣٦٢٠٠ قدم )تحت الأرض..

كيف تكون خندق ماريانا؟

يعتبر الخندق جزء من شبكة عالمية من الندبات العميقة التى تمتد عبر قاع المحيط،وقد نتج عن هذا عملية تمسى “الاندساس”

فى حالة خندق ماريانا
تم دفع الحافة الغربية لصفيحة المحيط الهادى أسفل صفيحة ماريانا الأصغر إلى الغرب؛ مما أدى إلى حدوث كسر عميق ثم ارتفعت المواد المنصهرة عبر البراكين بالقرب من الخندق؛ مما أدي إلي بناء جزر ماريانا .

ينحدر خندق ماريانا إلى منطقة لم يتم اكتشافها كثيراً .. وهي منطقة هادال سميت على أسم ملكة هاديس، العالم السفلي فى الأساطير اليونانية.

على مدار التاريخ ..
كان يعتقد أنها منطقة خالية من أى شكل من أشكال الحياة، حدود لا نهائية وفراغ أسود لا يمكن لإنسان الوصول إليها أو تحمل عمقها..

ولكن فى القرن التاسع عشر كانت نقطة البداية لمعرفة الكثير عن أعماق خندق ماريانا؛ حيث تم الوصول إلى أعماق ماريانا لأول مرة فى عام ١٨٧٥ ، عندما كان طاقم سفينة “H.M.S Challenger ” بإلقاء حبل عليه علامات لتحديد الطول وفى طرف الحبل قطعة ضخمه من المعدن  على جانب السفينة وقتها كانت تلك الطريقة الوحيدة لمعرفه عمق البحار والمحيطات، ولكنهم وجدوا أنفسهم بحاجة لمزيد من الحبال ..

 إيجاد موقع بهذه العمق قد جذب انتباه كثير من الناس ، وأثار فضول العلماء لمعرفة هل يوجد حياة تحت ذلك العمق ام لا؟
مما دفع البعض فى مغامرة للوصول إلى القاع .

فى عام ١٩٦٠
بعد ٨٥ عام من اكتشاف ” تشالنجر ديب ” فى تلك الرحله الرائدة
انطلق رجلان للوصول إلى القاع وهما “جاك بيكارد” ،والملازم البحرى “دون والش”.
فى غواصة تسمى “تريست” فى مغامرة مليئة بالشجاعة والتحديات وقد استمرت خمس ساعات تحت ذلك العمق المخيف، وكان ضغط الماء بالقرب من القاع أكبر بحوالى ألف مرة من الضغط الجوى عند مستوى سطح البحر وتسبب ذلك فى تشقق نافذة المشاهدة؛ مما أدي إلى قصر الوقت الذى يقضونه فى القاع ليكون عشرون دقيقة فقط لا غير، ولكن العشرون دقيقة تلك قد صدمت وغيرت الكثير من الحقائق فى المجتمع العملي..

تعرف أيضاً علي.. أكثر حوادث الطائرات غموضاً على مستوى العالم

خندق ماريانا – أعمق نقطة على وجه الأرض

ولكن السؤال الأهم الذى ظل يُسأل لكثير من العقود .

هل يوجد حياة في تحت ذلك العمق ، تحت أعظم أعماق المحيط؟..
وإن كانت الإجابة بأن يوجد حياة،  فكيف شكلها؟

فى عام ٢٠١٢
على متن سفينة تسمى “ديبسي تشالنجر ” أتبع جميس كاميرون، خطى تريست فى مغامرة أخرى للكشف عن أسرار كثيرة؛ حيث رأى حصائر ميكروبية فى شكل كتل خيطية من الكائنات الحية الدقيقة التى تعيش على المواد الكيميائية من الصخور المتغيرة علي عمق ١٠٩١٢ متر أو ( ٣٥٨٠٣ قدم ).

وفى حالة عدم وصول أشعة الشمس لذلك العمق كانت تلك البكتريا تقوم بمهمة الشمس بدلاً عنها؛ فهذه البكتيريا هى التى تدعم الكائنات الأكثر تعقيداً، لأنه بدون ضوء الشمس يجب على الحيوانات الأكبر حجماً أن تعتمد على الطاقة التى تنتجها البكتيريا التى تخضع لعملية التمثيل الكيميائي ..
فأعماق البحار تعادل عملية البناء الضوئي.

فى عام ١٩٩٦ التقطت بعض الصور عبر غواصة يابانية غير مأهوله تسمي ” كايكو “.
كان هدفها هو أخذ عينات من البكتريا التى لاحظها بيكارد ووالش قبل حوالي ٤٠ عام، ووجدوا أن عدداً من أنواع البكتيريا محبة للضغط مما يعني أنها ازهردت تحت ضغوط بيئيه عالية؛ مما أثبت أن فكرتهم القائلة: بأن الحياة لا يمكن أن توجد إلا فى ظروف أكثر اعتدالاً كانت خاطئة،
ولكن فى عام ١٩٩٨
عادت كايكو الي “تشالنجر ديب” وعثرت على حياة أكثر تعقيداً..

تعرف ايضاً علي..بالصور – تعرف علي أشهر 8 انواع للبوم

” Hirondellea Gigas “

نوع ضخم من مزدوجات الأرجل، وقد سجلت هذه الاكتشافات بعض الغموض؛ حيث تسببت الضغوط الشديدة فى أعماق البحار على ذوبان كربونات الكالسيوم التى تشكل أصداف مزدوجات الأرجل والعديد من الحيوانات البحرية بسهولة أكبر فى المياه؛ مما يجعلها عرضة للخطر ..

خندق ماريانا – أعمق نقطة على وجه الأرض


ومن الجدير بالذكر إنه لا يتم العثور على مزدوجات الأرجل علي عمق أقل من ٥٠٠٠ متر أو (١٦٤٠٠ قدم ).
فى أضواء كايكو كان هناك مزدوج الأرجل العملاق محتفظاً بهيكلة الخارجي القاسيى ومنذ ذلك الوقت تبين أنها تحمي أصدافها بإستخدام شكل من أشكال درع الألومنيوم.
وذلك بإستخدام المواد الكيميائية الموجودة فى امعائها لإستخراج أيونات الألومنيوم من طين قاع البحر أثناء بحثها عن الطعام ..
تلعب مزدوجات الأرجل دوراً رئيسياً فى النظام البيئي لأنها تعد بمثابه طاقم تنظيف ..فهي تمتلك انزيمات قادرة علي هضم الخشب حتى .. ولكن لم تنتهى الأسرار والاكتشافات هنا فحسب؛
ففي الفترة الأخيرة التقطت الغواصات المزيد من الشذوذات الخاصة بخندق ماريانا وهى
“Holothurions “
خياريات البحر وهى مثل خنزير البحر يمتلك حلقة من مخالب التغذية التى يستخدمها للنخل ف٨ي الوحل والامساك بالطعام.
وتم اكتشاف سمكة ” Mariana Snailfish ” ، فى عام ٢٠١٤ ولكنها أعطيت الأسم العلمى
“Pseudoliparis Hebert Swire ” ،لإحياء ذكري الملازم من “H.M.S Challenge r” .. ولكن اسماك الحلزون ومزدوجات الأرجل ليست الكائنات الغربية الموجودة فى ماريانا .. تنمو نباتات “Xenophyophores” العملاقة ، ليصل قطرها إلى ٢٠سم، ولكنها تتكون من خلية واحدة فقط ..

ما كان كل ذلك غير لمحه بسيطة عما يحدث داخل العالم السفلى للمحيطات و اكتشاف بعض الأسرار الذى لفتت الإنتباه حول خندق ماريانا ولكن مازال هناك أسرار لم تُكشف بعد ليس في ماريانا فقط بل فى جميع المحيطات..

تابعنا/ من هنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock