كتبت: أسماء أشرف
منذ سنوات عدة ونحن نسمع تغنى العالم أجمع بالنازية وبما فعله هتلر باليهود ومحرقة الهولوكوست، واليوم نرى إعادة للمشهد بصور حقيقة مشابهة لبشاعة ما حدث منذ سنوات كثيرة، وبالرغم من مدى التشابه فى البشاعة وعدم الإنسانية، إلا أن ازدواجية المعايير مازالت مستمرة تدين ما حدث باليهود على يد هتلر، وتقف بجانبهم اليوم فيما يفعلونه بالفلسطينيين العرب.
وهنا يكمن التساؤل..هل تختلف المعاناة بإختلاف أماكن وقوعها؟!
فى البداية علينا المقارنة بين ما حدث باليهود وبين ما يفعلونه اليوم بالفلسطينيين، وبناءً على ذلك نرى:
فى العام 1939 عند الغزو الألماني لبولندا -التى تعد ثانى أكبر تجمع لليهود بعد أمريكا- قام الألمان بتقسيمها وبناء جدار عازل حول الحى اليهودى -فصل عنصرى-، ومنع الحركة من داخل الحى إلى خارجه أو العكس إلا بتصريح.
يتشابه الأمر كثيرًا فى ما يحدث بالفلسطينيين منذ سنوات عديدة ومازال مستمرًا للأن، وبناء اليهود لجدار عازل يفصل الفلسطينيين وممارسة أبشع أنواع الفصل العنصرى عليهم، بل وأيضًا التضييق على حركاتهم الحيوية لمنع دخول مستلزماتهم اليومية من مأكل ومشرب إلا بكميات ضئيلة لا تكاد تكفى.
وتنتقل المعاناة من التضييق والإستهداف لعدم الإعتراف بهم كونهم بشرًا لهم الحق فى العيش والحياة؛ فقام وزير الدفاع الإسرائيلي “يوآف غالانت” بوصف الفلسطينيين على إنهم “حيوانات بشرية”، وهو نفس ما حدث فى العام 1942 مع اليهود عندما أمر القائد النازى “هاينريش هيملر” بإزالة الحى اليهودى فى وارسو -عاصمة بولندا- ووصف اليهود على إنهم “أنصاف بشر”.
ومن الجدير بالذكر إنه فى عام 1938 عندما قامت ألمانيا بتهجير عدد كبير من اليهود لبولندا، ردًا على ذلك قام مراهق يهودى بقتل دبلوماسي ألمانى؛ فجاء الرد الغربى على الواقعة “مراهق هائج قتل دبلوماسي ألمانى كرد إنتقامي على تهجير أهله”، لنرى بهذا أن الرد على الاضطهاد والعدوان ما هو إلا دفاع وتنفيث عن الغصب، وليس إرهابًا كما يسمونه اليوم، وعلى غرار هذا يقول السياسى والإعلامي الأمريكى “سينك أويغور” عن ما يحدث فى غزة:
“ولا ترددوا السخافات بأنه عندما يقاتل العرب أو المسلمون أو عندما يفعلها الضعفاء فإنهم يعدون إرهابيين محتقرين وليس لهم قيمة، ولكن عندما تقدم على ذلك دولة والتى تُدعى بالدولة الحليفة وهم يقاتلون بطريقة أسوأ 25 إلى 30 مرة نقول لا لا إنهم ملائكة..كان عليهم القيام بذلك، لا يمكنك أن تكون مؤيدًا لذلك ولو كنت مقتنعًا بذلك فأنت قد فقدت روحك..فقدت أخلاقك..فقدت مروءتك”.
وتتجلى هنا ازدواجية المعايير فى أبشع صورة يمكن رؤيتها، ونرى المتاجرة بدماء الأبرياء على حساب المصالح الشخصية الدنيئة، نرى رفض معظم الدول الغربية بالإعتراف بحدوث إبادة للشعب الفلسطيني من قِبل إسرائيل، واستخدام أمريكا لحق الڤيتو أكثر من مرة لمنع وقف إطلاق النار، ورفضها الإعتراف بالإبادة، وذلك على الرغم من إصدار الإتحاد الأوروبي لوثيقة فى العام 2007 تنص على أن “إنكار جرائم الإبادة الجماعية يجب أن يعاقب عليه فى جميع دول الإتحاد الأوروبي”، وبالرغم من هذا مازالت التصريحات تأتى على غرار “لا نرى أن ما يحدث فى غزة إبادة”، وتبدأ المقابلات التلفزيونية بالسؤال المعتاد “هل تدين حماس”…
تتابع ازدواجية المعايير وتزداد بشاعتها بالرغم من تجاوز الشهداء فى غزة 31,341 شهيد، وأكثر من 73,134 جريح، 8,000 مفقود.
تعرف أيضًا على: هل ستنتهي المعاناة بإنتهاء الحرب على غزة
وبالرغم من تطابق ما يحدث اليوم بالفلسطينيين بما حدث منذ سنوات باليهود، ومشابهة الوضع لما يحدث على الجانب الآخر بأوكرانيا، إلا أن الإعتراف بمعاناة الجانب الغربى قائمة لا يمكن إنكارها، وكذلك الإعتراف بالهلوكوست مازال قائمًا لا يمكن إنكاره حتى من قِبل من لم يعاصره -فتوجد تهمة لذلك تسمى “تهمة إنكار الهولوكوست”-، وعلى الجانب الآخر لم نرى أيًا من الدول المعترفة بذلك تعترف بوقوع إبادة جماعية للفلسطينيين، وكأنه يجب عليك أن تكون بمواصفات شكلية معينة ومعايير محددة ليتم الإعتراف بوجودك والوقوف بجانبك ومساعدتك فيما هو حق من حقوقك الأساسية.
تابعنا أيضًا على: https://www.facebook.com/Youth.media.cardes?mibextid=ZbWKwL