الذكاء الإصطناعي و تأثيره على سوق العمل
كتبت :- إسراء عزمى
يشهد الذكاء الاصطناعي تزايدا في إمكاناته في مختلف المجالات… ويستند هذا الذكاء إلى علوم الحاسوب… وينتج عن برمجته بطريقة جديدة تبتعد عن أسلوب التلقين… كما هو الحال في البرمجة التقليدية… وتعتمد أسلوب “الانفتاح” على المعلومات… وذلك عن طريق محاكاة عقل الإنسان.
ولا يقتصر أمر هذا الذكاء على ذلك فقط، بل يركز أيضا على التكامل مع أنظمة ميكانيكية مختلفة… يقوم بالتحكم فيها عبر برامجه المنفتحة… كما هو الحال في “أنظمة الروبوت” الحديثة.
الذكاء الإصطناعي و تأثيره على سوق العمل
وينتشر الذكاء الاصطناعي حاليا في مختلف المجالات… في الصناعة، حيث خطوط الإنتاج؛ وفي الزراعة حيث الوسائل الحديثة؛ وفي الخدمات… حيث قيادة السيارات والطائرات؛ وفي الإنترنت، حيث الكشف عن رغبات المستخدمين وتزويدهم بما يريدون دون طلب مسبق؛ وفي الترجمة، وخصوصا الفورية التي لا يتقنها سوى أصحاب الخبرة.
وبعد التركيز على كل من الذكاء الاصطناعي… وسوق العمل… والمستقبل… نعود إلى محاولة طرح ما يجمع بينها. في هذا الأمر نجد كثيرا من الخبراء يحذرون من أن التقدم المتسارع القائم في الذكاء الاصطناعي سيؤدي في مستقبل غير بعيد إلى تقليص سوق العمل وسوف تحل الآلة محل الإنسان… وسيزداد هذا التقليص مع الزمن حتى تصبح الأعمال بيد الآلة.
هذه القضية تحتاج إلى نظرة تحيط بها من جوانبها المختلفة من أجل استيعابها… ومن أجل تحديد توجهات مستقبلية للتعامل معها.
بالإضافة إلى ذلك الغاية المنشودة هي إيجاد حلول حكيمة تتوخى مصلحة الإنسان في تفعيل الاستفادة من هذه التقنية… دون أن تؤدي إلى حرمانه من العمل.
في النظر إلى موضوع الذكاء الاصطناعي وسوق العمل… نعود إلى معطيات تجارب الماضي بشأن التقنية وسوق العمل…. فقد قدمت التقنية عبر الزمن وسائل لمساعدة الإنسان على تحقيق ما يريد بشكل أفضل وإنتاجية أعلى وجهد أقل.
تعرف أيضا علي…الذكاء الاصطناعي وتغير المناخ: إمكانات ومخاطر
وبسبب ذلك أصبح الإنسان والتقنية بين يديه يتمتع بإنتاجية أعلى… ما يقلل الحاجة إلى آخرين… وذلك يؤدي إلى تقليص سوق العمل في المجال الذي تستخدم فيه الآلة.
ومن الأمثلة التي تجسد هذا الأمر مثال القطاع الزراعي، حيث بلغ حجم سوق العمل في هذا القطاع، في الولايات المتحدة، في مطلع القرن التاسع عشر 90 في المائة، ليتقلص في مطلع القرن العشرين إلى 40 في المائة، ثم ليتقلص أكثر إلى 2 في المائة في مطلع القرن الحادي والعشرين. وقد ترافق هذا التقلص، الناتج عن استخدام الآلة، مع زيادة إنتاجية القطاع ليلبي المتطلبات المحلية المتزايدة، ويسهم في الاحتياجات الدولية المتزايدة أيضا.
وقد تقلص سوق العمل في القطاع الزراعي، بينما توسع سوق العمل في القطاع الصناعي المتطور، وتوسع أيضا في قطاع الخدمات. وبسبب زيادة الاعتماد على التقنية في هذه القطاعات… ظهرت الحاجة إلى عمالة مؤهلة فيها… فكان لا بد من زيادة الاهتمام بالمدارس والجامعات من أجل تقديم المتخصصين المؤهلين في مختلف المجالات… ومن أجل تطوير التقنية نحو الأفضل… وتفعيل تجددها.
وفي موضوع التقنية وسوق العمل أيضا، أدى ظهور الحاسوب، في منتصف القرن العشرين… ثم ما تبعه من تطبيقات واستخدامات، مثل تمكين الآلات الميكانيكية من العمل ذاتيا، وبروز أجهزة “الروبوت” الأولى، إلى إثارة المهتمين بسوق العمل. ففي 22 آذار (مارس)، عام 1964… قدمت مجموعة من العلماء الأمريكيين تقريرا إلى الرئيس الأمريكي… يحذرونه من تقلص سوق العمل… ومخاطر ذلك. لكن إنذار لهم هذا ما لبث أن تلاشى أمام ظهور وظائف جديدة ناتجة عن التقدم التقني الصاعد، وأمام وجود مؤسسات تعليمية متطورة تستجيب لمتطلبات هذه الوظائف.
لا شك أن الذكاء الاصطناعي يحمل تحديات سوق العمل في المستقبل… ولا بد لنا من مواجهة ذلك. وبالطبع تحتاج هذه المواجهة إلى مراكز أبحاث تهتم بالإسهام في تطويره وامتلاك ناصيته من جهة… وتدرس أثره في سوق العمل من جهة أخرى.
والمقصود هنا دراسة ليس فقط مدى تقليصه لهذه السوق مع الاستمرار في تطوره… بل الوظائف الجديدة غير المسبوقة التي يمكن أن يولدها أيضا… وتحتاج هذه المواجهة… إضافة إلى ذلك.. إلى البدء في توطين هذا الذكاء خصوصا أنه جهد فكري في جوهره يركز على برمجة الحاسوب المنتشر من حولنا أنى نظرنا… والطريق إلى ذلك هو التعليم فلماذا لا نضيف الذكاء الإصطناعى لمواد الدراسة فى المدارس والجامعات .