كتب: حسين عبد الباري
قد لا يتخيل البعض خطورة الجهل فى التاثير على ثوابت الدين، وقد لا يعرف البعض إشكالية تداعياته وما يتبع ذلك من أمور خطيرة لها تأثيراتها السلبية على أجيال من بعد أجيال.
ونحن نعلم جميعًا أن الله تعالى أتم دينه على البشرية كلها بالرسول الخاتم محمد -صلى الله عليه وسلم- والذى أسس للناس المنهج التربوي فى كل كبيرة وصغيرة فى حياة الناس من كيفية مأكل وملبس وتعاملات، وذلك بوحى رباني له لا حيدة عنه أبدًا وهو لا ينطق عن الهوى.
وقد قال صلى الله عليه وسلم “تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبدا كتاب الله وسنتى”.
وهذا هو المنبع الأساسي من القرآن والسنة ط، وما يأتي بعدهما فهو أراء واجتهاد العلماء فيما يتراءى لهم من واقع الدين لمصلحة الناس بما لا يتعارض مع الثوابت.
ولنا ان ننظر في إدراك النبى -صلى الله عليه وسلم- لخطورة البدعة وتطورها فى موقف مع أحد كفار قريش حين كان يعبد سبعة أشخاص فقال له كم تعبد يا حصين قال سبعة فقال وأين هم قال ستة فى الأرض وواحد فى السماء فقال من لشدتك وكربك قال الذى فى السماء فقال فأترك ما فى الأرض وأعبد من فى السماء.
وذلك التنزيه لبعد نظر النبى -صلى الله عليه وسلم- الذى يوحى إليه من الخلط وتطورات البدعة حتى تكون العبادة بعيدة عن التشويه والخلط، وهذا الأمر فى نوع من البدع التى تأتى بالشرك والكفر إن لم تحدد ضوابطها.
ما هى أكثر البدع انتشارًا؟
ثم نأتى لما هو بعد ذلك، بعد وفاة رسول العالمين -صلى الله عليه وسلم- وتوالى الأجيال والأمم، نأتى إلى التهاون بعده فى بدع انتشرت وتكاثرت وأثرت حتى ظن بعض الناس وجودها من الدين وهم لا يعلمون خطورتها ومآلاتها.
فمن أصغر شيء يظن به الناس حسنًا كالحلف بغير الله مثلًا إلى الوصول بالتعظيم إلى عبادة أصحاب القبور من الصالحين من آل البيت -رضوان الله عليهم- أو من الصحابة والتابعين وكذلك الأولياء، فضلًا عن الزيغ والشطط من فئة بالغت فى حب الصالحين وأخرى تبغض بعضهم وتفرق بينهم وذلك فى أصحاب منهج التشيع وما كان منهم فى فتن على مدار التاريخ الإسلامي والذى كان نتاجه معارك وقتلى وبعده فرقة كبيرة وتحزب.
ثم نأتى لفئة جاءت فى عصرنا من توابع الدولة الفاطمية والتى كان منها تعظيم الأولياء لدرجة العبادة بالطواف والدعاء حول قبورهم والتبرك بها دون علمهم بحرمة ذلك، وأن ما وصلوا إليه وبلا شك نتيجة تطور البدعة بينهم على مدار سنين خلت.
تعرف أيضا علي…الاستثمار في العقول…ركيزة لبناء الأمم في ضوء الشريعة الإسلامية
تأثير البدع على المجتمعات
والبدعة لها خطرها الكبير والمؤثر على أى مجتمع وفى أى حقبة زمنية تكون؛ لإنها تغير الحقائق وتثير الفتن حتى لو بدعة صغيرة يستهان بها ولكن ما وراءها يكون الأسوأ والأخطر على المجتمعات الإسلامية.
ثم نعود لنتحدث عن خطورة الجهل بالدين فى واقعة بدعة أثارت فتنة فى العصر العباسى بعد وفاة هارون الرشيد وتحديدًا فى عصر الخليفة المأمون وبعده الخليفة المعتصم، وهو تطور بدعة الكلام فى هل القرآن مخلوق أم هو كلام الله، نحن نتحدث فى حقبة ثمانين سنة أو أكثر بعد وفاة النبى -صلى الله عليه وسلم- أى أن الفترة قريبة لوجود التابعين ما بعد صحابة رسول الله -صلى صل الله عليه وسلم-.
وقد تطور الأمر فيها كثيرًا وكثر الجدل وأصبح الأمر بين العامة فى بلبلة كبيرة، وبسبب هذه البدعة التى تطورت بصورها إلى فتنة عظيمة قتل فيها علماء وسجن غيرهم وجلد الإمام أحمد بن حنبل فيها والذى وقف لهم بالمرصاد متحديًا بأدلة من كتاب الله وأحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن القرآن كلام الله وليس مخلوقًا، أفحم الإمام بن حنبل أصحاب البدعة فيها حتى جاء عصر ما بعد الخليفة المعتصم الخليفة الواثق بالله الذى نصر الله به الحق وأظهره ليكون إيذانًا بنهاية الفتنة من آثار البدعة ليعلم الناس وقتها أن القرآن كلام الله.
لذلك لا بد أن نعلم ونتيقن أن خطورة الجهل بالدين تأتى بترسيخ البدعة وانتشار الفتنة وإثارة البلبلة، ولنا لكى لا نحيد عن طريق الصواب الرجوع دائمًا لثوابت الدين؛ فعندنا الدستور وهو القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة توضح لنا القرآن لطرد ما هو دخيل على الدين من بدعة أو غيرها لتكون مجتمعاتنا الإسلامية على وعى كامل بدينها لتسلم من كل مكروه قد يلحق بها.