مقالات

أنقذ عقلك من الاستلاب والسرقة: نحو إعادة النظر فى التفكير المفرط

كتب: مصطفى نصار

المتاهة العقلية…تعريف عملي لمتلازمة التفكير المفرط:

 

يعد التفكير المفرط من أحد الأمور غرابة وحدة على حياة الإنسان لما يترتب عليه من أساليب فى الحياة يغمرها سمات عديدة أهمها التيه والتخبط.

 

فلتحديد الطريقة التى يفكر فيها وبها الشخص الذى يحدد بها المفكر الإفراطي فى حياتي، علينا تخيل التائه فى البحر وقد أفاق من نومه الطويل والعميق، وبدلًا من أن يركز فيما يجب فعله فى بداية استيقاظه، ركز فى تركيب البحر ووجهته وكيفية الإنتقام مما سبب له التيه فى البحر، أي أن التفكير المفرط غارق ومغرق فى التفاصيل لدرجة تغفل الأولويات والبديهيات فى بعض الأحيان.

 

وفى هذا السياق، يعرفه الدكتور النفسي “عماد رشاد عثمان” بأنه أسلوب يحول التفكير العادي ل”معاناة” تستلزم الحل والفهم العميق والجيد لأبعادها.

وتستلزم الأبعاد من صاحب المتلازمة فهم نفسه أولًا قبيل البحث عن تفاصيل لا تغني ولا تسمن من جوع، بل إنها فى بعض الأحيان تستنزف المرء نفسيًا واجتماعيًا دون أن يعلم؛ فيجد نفسه يموت ببطء لحين الموت أو قد يستبق نفسه ويحله بالانتحار.

 

تعرف أيضا علي…الهروب المرضي

 

وانطلاقًا من تلك المتاهة كما يسميها الكاتب السيكولوجي “بول باييت”، يربط بين ما يواجه المرء من عوامل اجتماعية وبيئية وأسرية، حقًا قد توغل وتحفر نفقًا عميقًا له عدة أبعاد وأشكال، و بالطبع تؤثر هذه الأبعاد بعمقها ومدى تجذرها على النفس البشرية وتجعل عقله الانفعالي يضمر أو يصبح كما يصفه “رامي جابريل” و”ستفين أسما” تحت تأثير التشوش.
وربما يعين التشوش بمدى رفاهية و ترفع النفس عن النواقص وتنظيمها.

 

وبالرغم من قصور تصور أسما وجابريل فى تصورهما لماهية الإدراك والعواطف والمشاعر، فإن هذا التصور يبرر لنا حالات النسيان والإزاحات الأفاقية لفترات زمنية بحالها من الذاكرة أو تصور أجمل اللحظات منها فقط، فالتذكر عند المفكر بإفراط بمثابة غابة ضبابية يظهر منها أسعد وأمتع لحظات حياته دون سواها.

 

السابق يطرح سؤالًا هامُا للغاية حول تأثير التفكير المفرط على حياة الفرد أسريًا ومهنيًا واجتماعيًا..؟

التفكير المفرط ينم عن نقص بارع بحق، ولكنه ليس نابع من ذنب وإن كان كذلك فهو كما لو نبع من ذنب مقصر وليس من ذنب حاملي القضايا أو المبادئ. فمن يفكر بإفراط إما بسبب تقصيره المفرط أو تأجيله المفرط أو تحمله المسؤولية ورغبته فى السعي نحو الكمال.

فلا دلالة من تفكير إلا بغاية أو هروب نفسي أو متلازمة العافية.

شبكة الضباب المتوهة بتوغل “إغفال التفاصيل ببراعة”

وتنتوع أعراض وأبعاد التفكير المفرط بين الأطراف المحيطة بالحياة العامة للفرد.
من الحياة العامة نذكر حياة الفرد الشاملة والمتكاملة، أي الحياة كلها بجميع أشكالها الاجتماعية والأسرية، وحتى المادية والنفسية.

– فعلى المستوى النفسي، فإنه يتسبب فى عدة أعراض أهمها الأرق والقلق المفرط من الدرجة الثالثة، وهو نوع من الأرق وصفه عالم الأعصاب “ديفيد أيجمليان” بأنه أرق وقلق مهشم ومدمر فى الخلايا العصبية.
وبالتأكيد إن ربط الأعصاب بالنفس ها هنا ليس إلا على سبيل الجهل أو التخبط العلمي من بعض التطوريين تجاه طبيعية الروح. فبذلك يحفر الإنسان لنفسه حفرة عميقة بنهايتها نار تنتظر إلتهامه وإحراقه كلية.

– أما على المستوى الأسري، فحدث ولا حرج؛ لإنه ببساطة يجعل حياته الأسرية أكثر إنكماشية وأقل تواصلًا؛ فهي حياة أسرية جافة تفتقر لأبسط اللمسات الإنسانية، كما أشار الفيلسوف الأمريكي “روب بيراندس”، فهي حياة لا عاطفية نفعية تحث على البقاء وغير مجدية إلا بجلب العطب والعفن على رأس المفكر المفرط .

– ويتجه الجانب الاجتماعي لأبعد من ذلك؛ حيث لا تحتسب الآثار من كثرتها، لاعتمادها على الترابط و التراكمية، فالتيه من الذى يعاني من متلازمة التفكير المفرط ليس إلا ظل نفسي أو أسري قد ألقى بنفسه فى عقله أثناء العمل.

وغير ذلك، فإن التفكير المفرط يقيد المرء ويلقى على كاهله أمور ليست بيده، لإن الإنسان كما يقول الباحث “عبده فايد” ليس عليه إلا السعي لتحقيق الإحترام والتقدير الذاتي، ومن ثم الإنجاز والتقدم والازدهار.
فالإنسان من منظور التقويم والتكليف الإلهي، مكلف ومهيأ لمراد ربه لا لمراد تيار جارف من الأفكار المفتوحة المتأرحجة التى لا تزيده إلا بؤسًا ولا تسجنه إلا فى أوهامه وأهوائه.

 

تابعنا أيضا علي…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock