أشهر العادات الرمضانية في الثقافات المختلفة

كتبت: آية محمد حسان
يُعتبر شهر رمضان فرصة فريدة للاحتفال بالعادات والتقاليد التي تعكس ثقافة كل بلد، حيث يحتفل المسلمون بهذا الشهر بأساليب متنوعة تتأثر بتاريخهم وظروفهم الاجتماعية.
وعلى الرغم من أن العبادات الأساسية مثل الصيام والصلاة وقراءة القرآن مشتركة في جميع الدول الإسلامية، إلا أن لكل بلد طابعه الخاص في استقبال رمضان والاحتفال به.
في هذا المقال، نستعرض بعضًا من أشهر العادات الرمضانية في الثقافات المختلفة حول العالم.
1- مصر:
(مدفع الإفطار والفوانيس والموائد الرمضانية)
تعد مصر من أكثر الدول التي تحتفظ بعادات رمضانية متوارثة عبر الأجيال، ومن أشهر هذه العادات:
– مدفع الإفطار:
يعود تقليد إطلاق مدفع الإفطار إلى العصر المملوكي، حيث يُقال إن السلطان خشقدم أمر بإطلاق المدفع عن طريق الخطأ في وقت المغرب، فاعتقد الناس أنها وسيلة جديدة لتنبيه الصائمين، وأحبوا الفكرة حتى أصبحت عادة مستمرة حتى يومنا هذا.
– الفوانيس الرمضانية:
يُقال إن الفانوس الرمضاني بدأ مع دخول الخليفة الفاطمي إلى القاهرة ليلًا، حيث خرج الأطفال يحملون الفوانيس لإضاءتها له، ومنذ ذلك الحين أصبح الفانوس رمزًا للاحتفال بقدوم رمضان.
– الموائد الرمضانية:
تنتشر موائد الرحمن في الشوارع لتقديم الطعام للفقراء والمحتاجين، حيث يتبرع بها الأهالي والجمعيات الخيرية، مما يعكس روح التكافل الاجتماعي في رمضان.
2- السعودية:
(التمر والقهوة العربية ومظاهر الحرم المكي)
رمضان في المملكة العربية السعودية له طابع روحاني خاص، حيث يتوافد ملايين المسلمين لأداء العمرة والصلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي.
ومن أبرز العادات هناك:
– التمر والماء عند الإفطار:
يُفضل السعوديون الإفطار على التمر والماء اقتداءً بسنة النبي محمد (ﷺ)، ثم يتبعونه بالحساء (مثل شوربة الحب) والسمبوسة.
– القهوة العربية:
بعد الإفطار، يحرص السعوديون على تقديم القهوة العربية بالهيل مع التمر، وهي عادة متوارثة ترمز إلى حسن الضيافة.
– موائد الإفطار في الحرمين:
خلال رمضان، تنتشر موائد الإفطار في ساحات الحرمين الشريفين، حيث يشارك المتطوعون في توزيع التمر والماء والحليب على الصائمين، في مشهد يعكس روح التعاون والخير.
3- تركيا:
(المسحراتي والإفطار الجماعي والحلوى الرمضانية)
لتركيا تاريخ طويل من العادات الرمضانية الفريدة، ومنها:
– المسحراتي:
لا يزال المسحراتي يُعتبر جزءًا من الثقافة التركية، حيث يخرج الرجال ليلًا يقرعون الطبول وهم ينشدون الأناشيد الدينية لإيقاظ الناس للسحور.
– موائد الإفطار الجماعية:
تُنظم البلديات موائد إفطار ضخمة في الساحات العامة، حيث يجتمع السكان من مختلف الطبقات الاجتماعية لتناول الطعام معًا، مما يعزز روح الألفة بين الناس.
– الحلوى الرمضانية (القطايف التركية والباكلافا):
تشتهر تركيا بحلويات رمضان مثل “القطايف التركية” و”البقلاوة”، حيث تُقدم مع الشاي أو القهوة بعد الإفطار.
تعرف أيضا علي…أفضل البرامج الدينية للمتابعة خلال شهر رمضان
4- إندونيسيا:
(طقوس “بادوسان” واحتفالات “نغابوبوريت”)
إندونيسيا، أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان، لديها تقاليد رمضانية فريدة، منها:
– طقوس “بادوسان”:
وهو تقليد قديم يقوم به الإندونيسيون قبل بداية رمضان، حيث يستحمون في الينابيع الطبيعية أو الأنهار كنوع من التطهير الجسدي والروحي استعدادًا للشهر الفضيل.
– احتفالات “نغابوبوريت”:
وهي تجمعات شبابية تحدث قبل الإفطار، حيث يلتقي الأصدقاء والعائلات في الحدائق والمقاهي للاستمتاع بالوقت قبل أذان المغرب.
– الإفطار على “الكولاك” (وجبة تقليدية):
“الكولاك” هو مشروب حلو يُصنع من حليب جوز الهند والموز والثلج، ويُعتبر من أشهر أطباق الإفطار في إندونيسيا.
5- المغرب:
(تقليد “النفار” ومائدة الإفطار الغنية)
في المغرب، يمتزج رمضان بين العادات الدينية والثقافية، ومن أبرز العادات:
– النفار:
وهو شخص يجوب الشوارع قبل الفجر وينفخ في بوق تقليدي لإيقاظ الناس للسحور، وهي عادة قديمة ما زالت موجودة في بعض المناطق.
– مائدة الإفطار المغربية:
تشتهر مائدة الإفطار المغربية بتنوعها، حيث تضم “الشباكية” (حلوى مقلية مع العسل والسمسم)، و”البغرير” (فطائر شبيهة بالبان كيك)، و”الحريرة” (شوربة مغربية غنية بالبقوليات واللحوم).
6- باكستان:
(الإفطار الجماعي والرياضات الليلية)
رمضان في باكستان يتميز بالروح الجماعية، ومن أبرز المظاهر:
– الإفطار الجماعي:
تقام موائد ضخمة في الشوارع والساحات العامة، حيث يقدم المتطوعون الطعام للصائمين، خاصةً الفقراء والمحتاجين.
– الرياضات الليلية:
بعد صلاة التراويح، يخرج الشباب إلى الشوارع لممارسة الألعاب الرياضية، مثل الكريكيت وكرة القدم، حتى وقت السحور.
– “رُه أفطار” (شراب رمضاني شعبي):
“رُه أفطار” هو مشروب شعبي يُصنع من ماء الورد والحليب واللوز، ويُعتبر من أساسيات الإفطار في باكستان.
رمضان ليس مجرد شهر للصيام، بل هو احتفال عالمي بالروحانية والتكافل الاجتماعي.
وعلى الرغم من اختلاف العادات والتقاليد بين البلدان، إلا أن القيم الأساسية تظل واحدة، وهي المحبة، التضامن، والتقرب إلى الله.
سواء كنت في مصر تسمع مدفع الإفطار، أو في تركيا تستمتع بصوت المسحراتي، أو في السعودية تصلي في الحرم، فإن روح رمضان توحّد المسلمين حول العالم، وتجعل منه تجربة فريدة كل عام.