مقالات

تفشي خطير…أسوان مركز لانتشار وباء الكوليرا في مصر

كتب: مصطفى نصار

تكتم متعمد واستهانة سافرة…السياحة أولى من حياة الناس وتفشي الوباء

 

أثيرت حالة كبيرة من الفزع والقلق حيال شبهات حول انتشار مرض الكوليرا في أسوان إثر الإصابة بأعراض مماثلة له، وذلك من يوم السبت الماضي الموافق 21 سبتمبر من العام الحالي.

 

وكانت الأعراض تتراوح من اسهال وقيء وغيثان والإصابة بالفشل الكلوي في النهاية ثم الموت السريع؛ مما دفع الأهالي للتخمين بالعديد من التكهنات التي ما زالت قيد التحقق من صحتها، فيما عدا التكهن الأساسي حول تفشي وباء الكوليرا في أسوان، بل وانتشاره في القاهرة كذلك، لعوامل عديدة أهمها المياه وتكون البكتيريا العصوية بها، مما يرفع درجة الطواريء لدرجة التعامل مع حالة وبائية.

 

 

ورغم تفشي الوباء وسقوط العديد من الموتي والإصابات، لا تزال السلطة السياسة مصرة على عدم الإعلان والبوح بشفافية عما يحدث في أسوان، مكتفية بنشر أنها مجرد بكتيريا “أي-كولاي E.cloi” التي تسبب الإعياء، وصدور وبيان هزلي لا تستبعد معه حدوث نفس سيناريو كورونا بنفس الخطوات والترتيب بنفس الرتابة.

 

 

وتنبع تلك الرتابة من أمرين أولهما إتباع نفس النمط في تفشي الكوليرا من إنكار واستهانة سافرة مقيتة تصل لحد الاحتقار كأنهم يعاملون ألعاب أو مجموعة من أحجار الدومينو، حتى تدوي مسامع الكارثة المحروسة كلها، لكن ما يختلف في كوليرا أسوان هنا هي اختفائها لأسباب تتعلق بموسم السياحة الشتوية في ظل تأكيد التفشي مع شهود العيان والأطباء بالكوليرا، دون مراعاة لأي تأثيرات أو توابع سلبية تذكر على الموسم السياحي، وبالفعل تنبع المخاوف على إلغاء الموسم وليس على حياة الناس سيرًا على نمط وباء كورونا الذي مات فيه مئات الآلاف وسط قطاع مهترئ معدوم الخدمات وهجرة جماعية للأطباء وصلت ل60%.

 

ومن الجدير بالذكر اعتراف النائبة البرلمانية “ريهام عبد النبي” بالوباء عن طريق حوارين أقيما معها على موقع مصراوي وصدى البلد، التي أكدت في الحوارين أن الحكومة ضبطت 70 طن من حلوى المولد الملوثة، وكذلك أجرت وزارة الصحة عينات وأكدت أن لا وجود لتلوث في المياه، وجاء التأكيد نفسه من مسؤول شركة مياه الشرب في أسوان.

 

 

ونشرت وزارة الصحة النتائج التي تواصلت لها بعد المؤتمر الصحفي أمس، وأكد الوزير أنها بكتيريا الأيكولاي، والتي تسببت في تردد 480 حالة على المستشفي، حُجز منهم على الأقل 168 حالة.

 

 

وتحوم الأسئلة هنا حول عدة نقاط، أهمها الأعراض التي تصيب المرء المصاب بالكوليرا والأيكولاي، وأيضًا حول الأعداد الدقيقة المصابة والوفيات كذلك؛ حيث ذكر عضو نقابة الأطباء وأستاذ الحراجة العامة “إبراهيم الزيات” أن المستشفيات في حالة اكتظاظ شديد لا تكفي إلا لعمل العمليات الطارئة، وتعد تلك الشهادة كفيلة كدليل قاطع على تفشي وانتشار الكوليرا، ولكن الحالات الدالة على ذلك متعددة وكثيرة، فالأعراض التي تحوم حول الكوليرا هي إسهال شديد و قيء وارتفاع في درجات الحرارة وغيثان، انتهاءً بالوفاة أو الإصابة بالفشل الكلوي.

 

إنما أعراض الأيكولاي، التي لم يوضح وزير الصحة نوعها من ضمن 100 نوع بكتيري متحور، وتنافر وتضارب الأعراض ذاتها من جفاف وإسهال وغيثان فقط، فضلًا عن علاجها اليسير والسهل وعدم تسببها بالوفاة.

 

 

فمن بين الأدلة الدالة على وجود الكوليرا شهادات الأهالي التي تنافت بشكل تام وقاطع مع الوزير؛ فأكد طبيب تحاليل إيجابية عينة الكوليرا في كثير من الحالات المحلل لها، ووفاة أكثر من 20 حالة.

 

ومن الغباء إخفاءه قسريًا وحذف المقطع، فتلك عملية تأكيد دامغة على وجود الكوليرا في أسوان، لتأكيدها للناس يقينها أن أسوان أصبحت مركزًا لانتشار الكوليرا.

 

حمى الضنك والجونة، كورونا والسياحة…تكرارات للوقوع في الفخ

 

من الأعاجيب التي باتت محفوظة بل مكررة بشكل باهت تكرار سياسة الكتمان والتضليل في الكوارث والأزمات التي تكون إما صحية أو اقتصادية من باب التضليل أو الإخفاء. ففي هذا الصدد، يخبرنا الكاتب “بلال فضل” أن تلك السمة سمة رئيسية في عصر شبه الدولة الذى نعيشه.

 

وتلك الحقيقة التي تشوبها الأمثلة مثل حمى الضنك التي انتشرت في عام 2016 في القيصر، والتي قضت عليها وأعلنت عنها الحكومة عام 2023 فقط بعد إنتهاء مهرجان الجونة.

إن ارتباط السياسات الصحية في مصر لا تتمثل إلا لمصلحة عليا مثل الاستثمارات الأجنبية أو السياحة أو الزيارات الدورية لصندوق النقد، فضلًا عن امتلائها بالإهمال والتضليل والتكتم المتعمد تطبيقًا للجملة الشائعة “دول عندنا منهم كتير، دول زيهم زي النمل”.

واحتدت حدة السياسات القمعية في ظل وباء كورونا لدرجة وصلت لاعتقال أطباء حتى الآن وباحثين سياسة واقتصاد، والأكثر عبثية إرسال شحنات من الكحول والكمامات والأدوات الطبية والمستلزمات الصحية للصين وإيطاليا برفقة وزيرة الصحة السابقة د.”هالة زايد”. وفضلًا عما سبق، تم نوع من انتهاك الحقوق الآدمية للمرضى المصابين حينها ومعاملتهم مثل من أصيب بفيروس الإيدز أو السيلان، وقد مات عدد يتراوح بين عدة الآلاف ومئات الآلاف.

بلغ بحدة الوباء في مصر وضعها على القائمة الحمراء الأشد فتكًا مثلها كمثل دول لا تملك أدنى المستويات الصحية ولا الآدمية التي تراعي الإنسان بصفته ترسًا وليس إنسانًا.

وقد تكررت تلك السياسة العرجاء مجددًا في عدة ملفات اقتصادية على رأسها موضوع الديون التي أثر تراكمها لاكتساح تضخمي، فضلًا عن عدم وجود رؤية واضحة وشفافية للدولة وعدم التمكين المعتمد للخبراء الاقتصاديين، يجعل الجميع عرضة للسقوط في نفس الفخ مئات المرات دون أي تعلم أو اكتساب خبرات حقيقة تمكنها من بناء سياسة صلبة مدروسة علمية غير مرتبطة بالفساد أو الاستعانة بالفاسدين.

فأصبحت معظم السياسات تعتمد على التعتيم لمصلحة شخصية مربحة، وإن كلف ذلك خسائر بشرية.

 

إن السلطات الاستبدادية تفضل تلك السياسات لما توفره من الأمان الظاهري والانضباط في الشوارع، ولكن الواقع والتاريخ يثبت العكس؛ إذ أن استمرار تلك السياسات يخلل دعائم الأمن القومي المتمثل في شتى مجالات الأمن منها الغذائي والمائي والوظيفي محولًا الدولة كلها لكرة يسهل اللعب بها، وسجن مفتوح راكد حتى تأتي كارثة محققة تعيد تشكيل المناخ العام رغمًا عن الكل مثل الحروب أو الأزمات الإقليمية المتوسعة أو الكوارث الطبيعية مثل الجفاف و ما إلى ذلك.

 

 

تابعنا أيضا علي…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock