النقص المائي المزمن…ظاهرة تهدد الأمن المائي المصري
كتبت: منار عدلي الصادق
الأمن المائي هو أحد أهم المرتكزات الأساسية للحفاظ على الأمن القومي للدول، والذي لم يعد قاصرًا فقط على الجوانب العسكرية، وإنما امتد ليشمل الأمن المائي خاصةً مع ارتفاع مؤشرات الندرة المائية في العالم.
لذلك اتجهت العديد من الدراسات لتعريف الأمن المائي بأنه ” احتياجات الفرد المائية على مدار عام” عُرف بحد الأمان المائي والمياه تمثل الحياة ومصدر من مصادر قوة الدولة وقدرتها على البقاء والاستمرارية.
تأتي أهمية الأمن المائي لما له من أبعاد استراتيجية وسياسية وأمنية وقانونية، الأمن المائي هدفه المحافظة على الموارد المائية المتاحة وكيفية استخدامها وعدم تلوثها وترشيد استخدامها في الري والصناعة والشرب، والترشيد في الاستخدام عن طريق تغير ثقافة الشعوب وخلق ثقافة الترشيد، وإقامة السدود ووضع عدادات لقياس الاستهلاك، كلها تؤثر على قوة الدولة، وعند حدوث نقص في الموارد المائية مع الزيادة في عدد السكان يؤدي إلى صراع على المياه والحاجة الملحة لها لإحداث التنمية ويصل في بعض الأحيان إلى حروب وهذا يهدد الأمن القومي للدول.
تولي مصر قضية المياه أقصي درجة اهتمام وتعد من أخطر التحديات التي تواجهها مصر؛ لكونها أزمة ترتبط بالأمن القومي المصري ومستقبل الأجيال القادمة.
بالرغم من وجود العديد من الاتفاقيات التاريخية التي تنظم العلاقات بين مصر ودول حوض النيل إلا أن الواقع أثبت عكس ذلك ويأتي في خرق إثيوبيا اتفاقها مع مصر وإنشاء سد النهضة الذي يؤثر علي حصة مصر والسودان وحقوقهم التاريخية من مياه نهر النيل؛ حيث تعتبر مياه نهر النيل هي الأساس الذي تقوم عليه الحياة الاقتصادية والاجتماعية في مصر.
والاحتياجات المائية السنوية لمصر من مياه نهر النيل تصل لنسبة 96,5% ونسبة الاعتماد المائي على المصادر الأخرى كمياه الأمطار والمياه الجوفية والصرف الصحي والزراعي لا تزيد عن 5,5%، النقص في كمية المياه التي ترد إلى مصر من نهر النيل يؤثر سلبًا على إنتاجها الزراعي والصناعي عكس جميع دول حوض النيل الأخري التي تسقط عليها أمطار غزيرة وتتوفر لديها كميات هائلة من المياه الجوفية.
تعرف أيضا علي…تعرف على أغرب الظواهر المائية حول العالم
يصل إلي مصر حوالي 114 مليار متر مكعب سنويًا وذلك حسب تصريح وزير الموارد المائية 28 مارس 2021.
تواجه مصر تحديات في قطاع المياه وعلى رأسها الزيادة السكانية وسد النهضة والتغيرات المناخية، وتقوم مصر بإيجاد الحلول لها ومنها تحويل هذه التحديات إلى فرص يستفيد منها المصريون؛ حيث قامت وزارة الموارد المائية والري عام 2021 تنفيذ المشروع القومي لتأهيل الترع الذي يهدف إلى تحسين عملية إدارة وتوزيع المياه وشجعت المزارعين على التحول من الري بالغمر لنظم الري الحديث، وأيضًا مشروع الاستفادة من مياه مصرف بحر البقر بشرق الدلتا والاستفادة من مصارف غرب الدلتا.
تتعاون مصر مع دول حوض النيل؛ حيث قامت بإعداد الدراسات اللازمة لمشروعات إنشاء السدود لتوفير الكهرباء وشاركت مصر في العديد من المشاريع التنموية لديها، وساهمت في إنشاء محطات مياه الشرب الجوفية، ومن أهم الاتفاقيات بين مصر ودول حوض النيل اتفاقية 1959 والتى تحصل مصر بمقتضاها على 55,5 مليار متر مكعب سنويًا من المياه، وتحصل السودان على 18,5 مليار متر مكعب وذلك باعتبار أن الإيراد الكلي للنهر 84 مليار متر مكعب يضع منها نحو 10 مليارات أثناء الاندفاع من الجنوب إلى الشمال بسبب البخر والتسرب.
اتفاقية إعلان المبادئ في الخرطوم عام 2015 بين مصر والسودان وإثيوبيا التي أكدت علي التعاون المشترك على أساس التفاهم والمنفعة للجميع ومبادئ القانون، وتفهم الاحتياجات المائية لدول المنبع والمصب بمختلف مناحيها.
من التحديات التي تواجهها مصر إنتهاء الحكومة الإثيوبية من المرحلة الأولى لملء السد في يوليو 2020 ومن المؤكد استكمال ملء السد من جانب إثيوبيا التي تؤثر على حصة مصر من مياه نهر النيل، ينتج عنه تداعيات سلبية ضخمة لن تقبلها من الدولة المصرية، من المتوقع أن تستمر فترة ملء الخزان لسد النهضة 6 سنوات وهناك احتمال أن يحدث انهيار في السد نتيجة لبنائه في منطقة منحدرة تشهد اندفاع مياه النيل الأزرق بما يزيد عن نصف مليار متر مكعب يوميًا، وقد تسبب حدوث فيضانات عارمة تضرب بعض المدن والقرى.
أما في حالة انهيار السد التام، سوف يتسبب في إغراق العديد من المدن وستكون الخرطوم من بين هذه المدن وذلك نتيجة انهيار ودمار سدود سنار ومروى والرصيرص الواقعة داخل الحدود السودانية.
ومن التحديات أيضًا الزيادة السكانية التي ترتب عليها الحاجة إلى المياه للزراعة والاستخدامات المنزلية والصناعية تشير أرقام الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى تراجع موارد مصر المائية عام 2019/2020 إلى 60,5 مليار متر مكعب.
والتغيرات المناخية تمثل تحديًا كبيرًا لموارد مصر المائية خصوصًا في ظل الارتفاع الملحوظ في درجات الحرارة وما تشهده مصر من ظواهر جوية متطرفة مثل الأمطار الشديدة التي تضرب مناطق متفرقة من البلاد، وأيضًا ارتفاع منسوب سطح البحر وتأثيره السلبي الخطير على المدن والمناطق الساحلية.