التكنولوجيا الجينومية و تعديل الجينات البشرية
كتبت:_ بومهدي نجاة
تمثل التكنولوجيا الجينومية نقلة ثورية في علم الوراثة وفهمنا للحياة… حيث تطورت هذه التقنية بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة… و أصبح بإمكان العلماء قراءة وتحليل الجينوم بشكل أسرع وأكثر دقة … و تعد هذه التكنولوجيا أداة قوية في مجالات متعددة… من التشخيص الطبي إلى الهندسة الوراثية.
و بالعودة إلى التاريخ فقد بدأت رحلة التكنولوجيا الجينومية بمشروع الجينوم البشري الذي اكتمل في عام 2003… حيث تم تحليل وتسلسل جميع الجينات البشرية … و منذ ذلك الحين، تطورت الأساليب وأصبحت أكثر تقدماً … مما ساهم في فهم أعماق التركيب الوراثي وتأثيره على الصحة والمرض.
ما هي التكنولوجيا الجينومية ؟
التكنولوجيا الجينومية هي مجموعة من التقنيات والأساليب التي تستخدم لدراسة وتحليل الجينات والتلاعب بها … و تتيح هذه التكنولوجيا فهم تركيب الجينات ووظائفها، وتمكين العلماء من التلاعب الدقيق في الجينات بطرق معينة، أحد أبرز تقنيات التكنولوجيا الجينومية هو نظام تحرير الجينات CRISPR-Cas9 الذي يسمح بتعديل السلسلة الجينية بشكل دقيق.
بالإضافة إلى ذلك… تُستخدم هذه التكنولوجيا في مجالات متعددة مثل الطب الجيني… حيث يمكن استخدامها لتشخيص الأمراض الوراثية وتطوير علاجات مستهدفة. كما تستخدم في البحوث الزراعية لتطوير محاصيل مُعدلة وراثياً لتحسين المحاصيل وزيادة إنتاجها.
تعرف أيضا علي…تأثير التكنولوجيا على الصحة وكيف أنقذت الحياة البشرية
كيف يعمل نظام تحرير الجينات CRISPR-Cas9 على تعديل الجينات ؟
يستخدم نظام تحرير الجينات CRISPR-Cas9 تقنية CRISPR (Clustered Regularly Interspaced Short Palindromic Repeats) وبروتين Cas9 لتعديل الجينات بشكل دقيق … و تتم العملية عبر الخطوات التالية:
تصميم ال RNA الموجه :
يخص جزء من الـ RNA الذي يستهدف موقعًا محددًا في السلسلة الجينية المراد تعديلها…. يُشكل هذا الجزء مع Cas9مكونًا مركبا و هو الـ CRISPR-Cas9.
استهداف الجينات:
يُدخل مركب CRISPR-Cas9 إلى الخلية المستهدفة، حيث يتوجه الـ DNA الموجه نحو الجين المحدد.
تكوين القطع الجيني:
يرتبط Cas9 الجين المستهدف بفضل التوجيه الدقيق للـ RNA، ويُقوم Cas9 بقطع السلسلة الجينية في مكان محدد.
عملية الإصلاح:
بمجرد قطع الجين، تقوم خلايا الجسم بمحاولة إصلاح السلسلة الجينية المكسورة ، و يمكن أن يحدث هذا بواسطة إعادة ربط الطرفين المقطوعين، مما يؤدي إلى تغييرات في الجين أو إضافة تعديلات محددة.
و هكذا، يتيح نظام CRISPR-Cas9 تحرير الجينات بشكل دقيق وفعّال، مما يسهم في تحديد خصائص معينة أو علاج الأمراض الجينية.
ماهي الآثار الإيجابية لهذا التحول ؟
تحمل التكنولوجيا الجينومية آثارًا إيجابية عديدة، من بينها:
علاج الأمراض الوراثية:
_ تمكن التكنولوجيا الجينومية من تحديد وتعديل الجينات المسؤولة عن الأمراض الوراثية، مما يفتح أفقًا لعلاجات مستهدفة وفعّالة.
تشخيص دقيق للأمراض:
_ يُمكن فحص الجينات باستخدام التكنولوجيا الجينومية مما يحد من المخاطر الوراثية ، وتشخيص الأمراض بدقة، يسهم في الكشف المبكر وتحسين فرص العلاج.
تقدم في الطب الشخصي:
_ يمكن تخصيص العلاج والرعاية الطبية بناءً على المعلومات الجينية الفردية، مما يسهم في تحسين فعالية العلاج وتقليل آثار الأدوية الجانبية.
تطوير المحاصيل الزراعية:
_ تُستخدم التكنولوجيا الجينومية لتطوير محاصيل زراعية مُعدلة وراثياً، مما يزيد من إنتاجية الزراعة ويُعزز مقاومة المحاصيل للظروف البيئية القاسية.
تقدم في الأبحاث العلمية:
_ تمكن الجينوميات الحديثة الباحثين من فهم أعقد العلاقات الجينية والتفاعلات الخلوية، مما يسهم في التقدم العلمي والفهم الأعمق لأسرار الحياة.
الجدل الأخلاقي الذي يحيط بتعديل الجينات البشرية ؟
التحسين البشري وتمييزه:
_ يطرح استخدام التكنولوجيا الجينومية لتحسين صفات بشرية مثل القوة العقلية أو المظهر الجسدي تساؤلات حول إمكانية تعزيز التمييز بين الأفراد وتكوين طبقات اجتماعية جديدة.
التأثير على التنوع الوراثي:
_ يثير تعديل الجينات مخاوف بشأن تقليل التنوع الوراثي، مما قد يؤدي إلى فقدان السمات التي تساهم في التكيف مع التغيرات البيئية.
الاستخدام السلمي والعسكري:
_ يثير تعديل الجينات مخاوف حول استخدامه في أغراض عسكرية أو لتحسين الأداء البشري بطرق قد تكون غير أخلاقية.
حقوق الفرد والخصوصية:
_ يطرح تحديد المعلومات الجينية قضايا حول حقوق الفرد في الخصوصية والتحكم في معلوماته الوراثية.
مخاوف أمان البيانات:
_ ينشأ القلق حول سلامة وأمان بيانات الجينات، وما إذا كان يمكن استخدامها بشكل صحيح وآمن.
إن التكنولوجيا الجينومية تعد فرصة هائلة لتطوير مجال الطب وتحسين حياة البشر… مع ضرورة وجود إطار أخلاقي وقانوني صارم لتوجيه استخدام هذه التكنولوجيا …وضمان أن تتم هذه التقنيات بطريقة تحترم حقوق الإنسان وتسهم في الفائدة العامة بشكل إيجابي.