التفكك الأسري – وإنهيار العلاقة الزوجية
كتبت:- بدر خاطر
لاشك أن العلاقات الأسرية هي أسمي وأقدس العلاقات على وجه الأرض فهي تبدأ بذرتها بين فردين بالزواج ثم بعد ذلك الإنجاب ،والتي تشمل الأقارب والأصهار فهي كالشجرة التي تمتد جذورها وتتمادى بأشجارها وكلما زادت تلك الأشجار ذات الحب والدفء وتحقيق مفهوم العيش في المجتمع .
علي الرغم من أن العلاقة الأسرية مهمه الا أن هناك الكثير من الخلافات والمشكلات التي ينتج عنها تفكك وانهيار أي أسرة وتحطيم العلاقة الزوجية ويكون ذلك له تأثير سلبي علي حياتهم وحياة أبنائهم، وينتج عن ذلك أبناء منحطين أخلاقيا ويقومون بالكثير من أعمال الانحراف كالسرقة والقتل وغير ذلك ،وبالنسبة للزوجة فقد يؤثر ذلك على صحتها ونفسيتها ومن الممكن أن تتجه الي ارتكاب بعض الأعمال الرزيلة .
بالنسبة للزوج فقد لا يكون اللوم عليه وحده من الممكن أن تكون الزوجة هي السبب في تفكك وتدهور تلك العلاقة بينهما، وفي بعض الأحياء قد يكون للرجل سلوك وأشياء غير أخلاقية وعدم قيامه بتحقيق مطالب أسرته ،ويقوم بالاعتماد على الزوجة في تحقيق قوت يومه هو والأسرة .
كما أثبتت بعض الاحصائيات أن هناك ارتفاع متزايد في حالات الطلاق بلغت بنسبة 49%خلال 10 سنوات ،ونتج عن ذلك تراجع معدلات الزواج في نفس الوقت .
كما صرح الجهاز المركزي الرسمي للتعبئة والاحصائيات ،أن هناك ارتفاع عدد شهادات الطلاق خلال عام 2020 والتي وصلت الي 222 ألف مقارنة بعام 2015 التي كانت 199 ألف ،أي أن النسبة بلغت 12%أي بمعدل 26 حالة طلاق كل ساعة .
كما أن هناك بعض الدراسات التي أثبتت أن حالات الطلاق الأكثر ارتفاعا تكون عند المتزوجين حديثا ، وبين فئة الشباب التي تتراوح أعمارهم بين 25 إلى 35 عاما أي بنسبة 40 %في عام 2017.
كما أن هناك أسباب كثيرة تؤدي الي حدوث تلك التفكك والذي يعني الانهيار وتدهور الحياة الزوجية ،منها الوضع الاقتصادي.
يعتبر الوضع الاقتصادي هو عامل أساسي في حدوث تلك التفكك بين أفراد الأسرة وخصوصا في عام 2020 مع انتشار (فيروس كورونا )حيث توقف الكثير من الأعمال اليومية التي تعد هي المصدر الوحيد لتحقيق اكتفاء الأسرة ومستلزماتها، وعدم قدرة الأسرة على تحمل ذلك مما نتج عنها تأثير نفسي على حياة الأسرة وتنتهي العلاقة بيهم بالطلاق وتشرد بعض الأطفال وتدمير حياتهم .
تعرف أيضاً علي – عدد الأبناء وإيجابيات و مساوئ كثرة الإنجاب..
تقول الدكتورة هبة أخصائية نفسية بجامعة المنصورة إن العنف له قسمين : العنف اللفظي …كالشتم وما أشبه بذلك ،والعنف بدني …والذي يشتمل علي التحرش البدني والضرب والانحطاط الأخلاقي والفقر الاقتصادي .
كما وضحت أن وسائل التواصل الاجتماعي لها دور في ارتفاع معدلات الطلاق بسبب قيامها بعرض حالات الطلاق وأعمال العنف من سب وقذف تجاه الزوجة او الزوج أو الأطفال وقد يصل الأمر الي التعدي بالضرب والإيذاء الجسدي ، ووضحت أن الضرر الجسدي من الممكن أن يعالج خلال أيام ،بينما الأعراض النفسية والمعنوية تبقي مصاحبة الشخص المعنف طوال حياته .
كما أن هناك بعض النماذج الواقعية التي عانت من تفكك وتدهور في الحياة الأسرية والتي كانت لها تأثير سلبي على حياتهم وحياة أطفالهم ونفسيتهم وانقسامهم بين الزوج والزوجة وحرمانهم من الحياة الأسرية الدافئة ،حيث طلبوا تلك الضحايا عدم الإفصاح عن أسمائهم وأن يبقي اسماهم سرا بين الصحفي وبين الضحية :
تروي مدام (س خ) التي تبلغ من العمر 45 عاما أنها عاشت مع زوجها 20 عاما ،كانت حياتهما منذ البداية مليئة بالسعادة والفرح ،وكان يساعدها في بعض الأعمال المنزلية ،وكان لا يتحمل عليها أي شيء سواء كان زعل أو مرض ،ووضحت أنه كان يحب أولاده حبا كثيرا، إلا أن الموازين انقلبت في عام 2018 منذ أن بدأ يتوقف عن قيامهم بوظيفته التي تحقق لأسرته الاكتفاء الذاتي وظل جالسا في البيت لمدة 6 أعوام حتي الآن دون أن يقوم بعمل لتلبية حجات أسرته ،أثرت جلوسه في البيت عليها وعلى الأبناء.
وأكدت أن الشجار بينهما بدأ منذ عام 2020 وعدم رغبته في استكمال حياته ودارت الشجارات بينهما ،وقام بطرد زوجته من بيته وهو ابنته التي تبلغ 12 عاما وتبقى معه ولد وبنت لم يصلوا إلى السن القانوني وانتهى المطاف إلى أن تلك العائلة انهارت ووصلت إلى الطلاق .كما قالت أن حياة أبنائهم تدمرت نفسيا بالكامل وعدم قيامهم في تكون حياه أسرية خاصة بيهم .
كما أن هناك ضحية ثانية عانت من قهر وعنف وسب وقذف والتي لم ترغب في اظهار اسمها ؛حيث بدأت قصتها منذ الليلة الثانية من زواجها عانت من عنف جسدي ؛حيث قام زوجها بالتطاول عليها بالضرب والقذف ،كما ذكرت أن زوجها كان يقوم ببعض الأعمال الفاحشة ويحضر بعض النساء أمام عينها في بيتها، ولكنها لم تقم بعمل أي شيء لتمنع ذلك لكنها لم تستطيع مقاومته بسبب شدته وخوفا أن يقوم بضربها ،ووضحت أنه في يوم قام زوجها بضربها حتى فقدت عينها إلى الأبد ،كما أنه لم يقم بأعماله كأب مع أبنائه بل كان يتركهم ولم يسأل عنهم ،مما جعلت الأبناء يكرهون كلمة أب بسبب ما عاشوه من ظلم وقهر في تلك الحياة .
كما ظلت الأم تكافح من أجل أن توفر حياة كريمة لهم واستطاعت أن توصل أبناءها إلى مستوى علمي رفيع .
ذكر بعض المحامين أن القوانين الأجنبية تختلف عن القوانين المصرية منها إذا تعرضت الزوجة للضرب والسب من زوجها او عنف جنسي فإن في الحال تستطيع أن تبلغ الشرطة وتتخذ الإجراءات في نفس الوقت.
بينما القوانين المصرية تأخذ الكثير من الوقت ومن الممكن أن يصل إلى سنوات من أجل أن تحصل الأسرة علي حقوقها كاملة ،هكذا يتعامل القضاء مع تلك القضايا بدل من أن يكون هناك عقاب في الحال وبالتالي تقل الظاهرة إلا أن ذلك لم يحدث داخل المحاكم الأسرة المصرية .
في الفترة الأخيرة انتشرت جرائم القتل ومثال علي ذلك الشاب الاسكندراني في منطقة الترعة الذي ذهب ليصلح زوجته قام بقتلها هي وأطفالها وابوها .وأيضا الزوج الذي قتل زوجته وأبناءه وهم نائمون أين القانون الذي يدافع عن حقوق الزوجية ؟أين القانون الذي يعاقب المرتكبين على الجرائم ؟
هكذا وصلت النساء في عدم تصديق أزواجهم وعدم رغبتهم في أن يكونوا حياة أسرية
وعند سؤالي لفضيلة الشيخ نصر لبيد عن ظاهرة التفكك ،رد قائلا: بأن ما يشهده العالم الإسلامي اليوم من تفكك أسري أو نزاعات بسبب الذنوب والمعاصي ،وعدم الأخذ بالدين من جميع جوانبه التي يأمر بالاجتماع والترابط أو مع ما يرتكب من أمور تفسد المودة في الدين .
كما وضح أن الدراما لها دور لها دور في انتشار ظاهرة التفكك والانهيار الأسري من خلال انتشار بعض الأعمال الاجتماعية التي تحث على انتشار تلك الظاهرة من خلال مشاهد العنف التي تتعرض لها الزوجة دون أن تقوم بعمل أي شيء توقف زوجها عن قيامه تعنيفها .
لكننا الآن نعيش في مجتمع يتباهى بالأعمال الرذيلة والفواحش وكل ما هو معصية دون التفكير في العواقب التي تنتج عن السير في الطريق الخاطئ ، أو التفكير في أسرته وابنائه وكيف يؤثر ذلك سلبا عليهم جميعا .
هكذا هو مجتمعنا رغم التقدم الحضاري الذي نعيش فيه إلا أن الانحطاط الأخلاقي وعدم اتباع سنة رسول الله في أمور حياتهم وخصوصا الأسرة لأنها العلاقة السامية لبناء مجتمع ناجح .
يجب على الدولة أن تضع قوانين صارمة للحد من تلك المشكلة التي سببت في هدم الكثير من البيوت وتحطيم الحياة الزوجية إلى الأبد .